الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه  فالذي على البينة من ربه محمد صلى الله عليه وسلم ويتلوه شاهد منه يعني جبريل عليه السلام يتلو القرآن، الهاء للقرآن.

                                                                                                                                                                                                                                      وتبيان ذلك: ويتلو القرآن شاهد من الله ومن قبله كتاب موسى رفعت الكتاب بمن.

                                                                                                                                                                                                                                      ولو نصبت على: ويتلو من قبله كتاب موسى إماما منصوب على القطع من كتاب موسى في الوجهين. وقد قيل في قوله: ويتلوه شاهد منه : يعني الإنجيل يتلو القرآن، وإن كان قد أنزل قبله. يذهب إلى أنه يتلوه بالتصديق. ثم قال: ومن قبل الإنجيل كتاب موسى.

                                                                                                                                                                                                                                      ولم يأت لقوله: أفمن كان على بينة من ربه جواب بين كقوله في سورة محمد صلى الله عليه وسلم: أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله وربما تركت العرب جواب [ ص: 7 ] الشيء المعروف معناه ، وإن ترك الجواب ؛ قال الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                      فأقسم لو شيء أتانا رسوله سواك ولكن لم نجد لك مدفعا



                                                                                                                                                                                                                                      وقال الله -تبارك وتعالى وهو أصدق من قول الشاعر-: ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض فلم يؤت له بجواب والله أعلم. وقد يفسره بعض النحويين يعني أن جوابه : (وهم يكفرون ولو أن قرآنا) والأول أشبه بالصواب. ومثله: ولو ترى إذ المجرمون ولو يرى الذين ظلموا وقوله في الزمر: أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه ولم يؤت له بجواب. وكفى قوله: قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون من ذلك. فهذا مما ترك جوابه، وكفى منه ما بعده، كذلك قال في هود: مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا ولم يقل: هل يستوون. وذلك أن الأعمى والأصم من صفة واحد والبصير والسميع من صفة واحد كقول القائل: مررت بالعاقل واللبيب وهو يعني واحدا. وقال الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                      وما أدري إذا يممت وجها     أريد الخير أيهما يليني
                                                                                                                                                                                                                                      أألخير الذي أنا أبتغيه     أم الشر الذي لا يأتليني

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 8 ] قال: أيهما وإنما ذكر الخير وحده لأن المعنى يعرف: أن المبتغي للخير متق للشر ، وكذلك قول الله جل ذكره: سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم [أي] وتقي البرد. وهو كذلك وإن لم يذكر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فيقال: من أصناف الكفار. ويقال:

                                                                                                                                                                                                                                      إن كل كافر حزب.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية