وتبيان ذلك: ويتلو القرآن شاهد من الله ومن قبله كتاب موسى رفعت الكتاب بمن.
ولو نصبت على: ويتلو من قبله كتاب موسى إماما منصوب على القطع من كتاب موسى في الوجهين. وقد قيل في قوله: ويتلوه شاهد منه : يعني الإنجيل يتلو القرآن، وإن كان قد أنزل قبله. يذهب إلى أنه يتلوه بالتصديق. ثم قال: ومن قبل الإنجيل كتاب موسى.
ولم يأت لقوله: أفمن كان على بينة من ربه جواب بين كقوله في سورة محمد صلى الله عليه وسلم: أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله وربما تركت العرب جواب [ ص: 7 ] الشيء المعروف معناه ، وإن ترك الجواب ؛ قال الشاعر :
فأقسم لو شيء أتانا رسوله سواك ولكن لم نجد لك مدفعا
وقال الله -تبارك وتعالى وهو أصدق من قول الشاعر-: ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض فلم يؤت له بجواب والله أعلم. وقد يفسره بعض النحويين يعني أن جوابه : (وهم يكفرون ولو أن قرآنا) والأول أشبه بالصواب. ومثله: ولو ترى إذ المجرمون ولو يرى الذين ظلموا وقوله في الزمر: أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه ولم يؤت له بجواب. وكفى قوله: قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون من ذلك. فهذا مما ترك جوابه، وكفى منه ما بعده، كذلك قال في هود: مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا ولم يقل: هل يستوون. وذلك أن الأعمى والأصم من صفة واحد والبصير والسميع من صفة واحد كقول القائل: مررت بالعاقل واللبيب وهو يعني واحدا. وقال الشاعر :
وما أدري إذا يممت وجها أريد الخير أيهما يليني
أألخير الذي أنا أبتغيه أم الشر الذي لا يأتليني
وقوله: ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فيقال: من أصناف الكفار. ويقال:
إن كل كافر حزب.