وبلد ليس به أنيس إلا اليعافير وإلا العيس
لم يجز له الرفع في (من) لأن الذي قال: (إلا اليعافير) جعل أنيس البر اليعافير والوحوش، وكذلك قوله إلا اتباع الظن يقول: علمهم ظن وأنت لا يجوز لك في وجه أن تقول: المعصوم عاصم.
ولكن لو جعلت العاصم في تأويل معصوم كأنك قلت: لا معصوم اليوم من أمر الله لجاز رفع (من) ولا تنكرن أن يخرج المفعول على فاعل ألا ترى قوله من ماء دافق فمعناه والله أعلم: مدفوق [ ص: 16 ] وقوله في عيشة راضية معناها مرضية، وقال الشاعر :
دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
معناه المكسو. تستدل على ذلك أنك تقول: رضيت هذه المعيشة ولا تقول: رضيت ، ودفق الماء ولا تقول: دفق، وتقول كسي العريان ولا تقول: كسا. ويقرأ (إلا من رحم) أيضا .
ولو قيل لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم كأنك قلت: لا يعصم الله اليوم إلا من رحم ولم نسمع أحدا قرأ به.