الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: سآوي إلى جبل يعصمني من الماء   (قال) نوح عليه السلام لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم فمن في موضع نصب لأن المعصوم خلاف للعاصم والمرحوم معصوم. فكأنه نصبه بمنزلة قوله ما لهم به من علم إلا اتباع الظن ومن استجاز رفع الاتباع أو الرفع في قوله:


                                                                                                                                                                                                                                      وبلد ليس به أنيس إلا اليعافير وإلا العيس



                                                                                                                                                                                                                                      لم يجز له الرفع في (من) لأن الذي قال: (إلا اليعافير) جعل أنيس البر اليعافير والوحوش، وكذلك قوله إلا اتباع الظن يقول: علمهم ظن وأنت لا يجوز لك في وجه أن تقول: المعصوم عاصم.

                                                                                                                                                                                                                                      ولكن لو جعلت العاصم في تأويل معصوم كأنك قلت: لا معصوم اليوم من أمر الله لجاز رفع (من) ولا تنكرن أن يخرج المفعول على فاعل ألا ترى قوله من ماء دافق فمعناه والله أعلم: مدفوق [ ص: 16 ] وقوله في عيشة راضية معناها مرضية، وقال الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                      دع المكارم لا ترحل لبغيتها     واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي



                                                                                                                                                                                                                                      معناه المكسو. تستدل على ذلك أنك تقول: رضيت هذه المعيشة ولا تقول: رضيت ، ودفق الماء ولا تقول: دفق، وتقول كسي العريان ولا تقول: كسا. ويقرأ (إلا من رحم) أيضا .

                                                                                                                                                                                                                                      ولو قيل لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم كأنك قلت: لا يعصم الله اليوم إلا من رحم ولم نسمع أحدا قرأ به.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية