ما رأيت أحدا إلا وعليه ثياب وإن شئت: إلا عليه ثياب. وكذلك كل اسم نكرة جاء خبره بعد إلا، والكلام في النكرة تام فافعل ذلك بصلتها بعد إلا. فإن كان الذي وقع على النكرة ناقصا فلا يكون إلا بطرح الواو. من ذلك، ما أظن درهما إلا كافيك ولا يجوز إلا وهو كافيك، لأن الظن يحتاج إلى شيئين، فلا تعترض بالواو فيصير الظن كالمكتفي من الأفعال باسم واحد. وكذلك أخوات ظننت وكان وأشباهها وإن وأخواتها (وإن) إذا جاء الفعل بعد (إلا) لم يكن فيه الواو. فخطأ أن تقول: إن رجلا وهو قائم، أو أظن رجلا وهو قائم، أو ما كان رجل إلا وهو قائم.
ويجوز في ليس خاصة أن تقول: ليس أحد إلا وهو هكذا ، لأن الكلام قد يتوهم تمامه بليس وبحرف نكرة ألا ترى أنك تقول: ليس أحد، وما من أحد فجاز ذلك فيها ولم يجز في أظن، ألا ترى أنك لا تقول ما أظن أحدا. وقال الشاعر:
إذا ما ستور البيت أرخين لم يكن سراج لنا إلا ووجهك أنور
فلو قيل: إلا وجهك أنور كان صوابا.
وقال آخر:
وما مس كفي من يد طاب ريحها من الناس إلا ريح كفيك أطيب
فجاء بالواو وبغير الواو. ومثله قوله: وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام [ ص: 84 ] فهذا الموضع لو كان فيه الواو صلح ذلك. وإذا أدخلت في (كان) جحدا صلح ما بعد (إلا) فيها بالواو وبغير الواو. وإذا أدخلت الاستفهام وأنت تنوي به الجحد صلح فيها بعد (إلا) الواو وطرح الواو. كقولك: وهل كان أحد إلا وله حرص على الدنيا، وإلا له حرص على الدنيا.
فأما أصبح وأمسى ورأيت فإن الواو فيهن أسهل، لأنهن اتوام (يعني تامات) في حال، وكان وليس وأظن بنين على النقص. ويجوز أن تقول: ليس أحد إلا وله معاش: وإن ألقيت الواو فصواب، لأنك تقول: ليس أحد فتقف فيكون كلاما. وكذلك لا في التبرئة وغيرها. تقول:
لا رجل ولا من رجل يجوز فيما يعود بذكره بعد إلا الواو وغير الواو في التمام ولا يجوز ذلك في أظن من قبل أن الظن خلقته الإلغاء: ألا ترى أنك تقول: زيد قائم أظن، فدخول (أظن) للشك فكأنه مستغنى عنه، وليس بنفي ولا يكون عن النفي مستغنيا لأنك إنما تخبر بالخبر على أنه كائن أو غير كائن، فلا يقال للجحد: إنه فضل من الكلام كما يقال للظن.
وقوله: ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون ولم يقل (تستأخر) لأن الأمة لفظها لفظ مؤنث، فأخرج أول الكلام على تأنيثها، وآخره على معنى الرجال. ومثلها كل ما جاء أمة رسولها كذبوه ولو قيل: كذبته كان صوابا وهو كثير.