الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وأرسلنا الرياح لواقح  وتقرأ (الريح) قرأها حمزة فمن قال (الريح لواقح) فجمع اللواقح والريح واحدة لأن الريح في معنى جمع ؛ ألا ترى أنك تقول: جاءت الريح من كل مكان، فقيل: (لواقح) لذلك. كما قيل: تركته في أرض أغفال وسباسب (قال الفراء: أغفال: لا علم فيها) ومهارق وثوب أخلاق. ومنه قول الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      جاء الشتاء وقميصي أخلاق شراذم يضحك منه التواق



                                                                                                                                                                                                                                      وأما من قال (الرياح لواقح) فهو بين. ولكن يقال: إنما الريح ملقحة تلقح الشجر.

                                                                                                                                                                                                                                      فكيف قيل: (لواقح) ؟ ففي ذلك معنيان أحدهما أن تجعل الريح هي التي تلقح بمرورها على التراب والماء فيكون فيها اللقاح، فيقال: ريح لاقح. كما يقال: ناقة لاقح. ويشهد على ذلك أنه وصف ريح العذاب فقال:

                                                                                                                                                                                                                                      عليهم الريح العقيم فجعلها عقيما إذ لم تلقح. والوجه الآخر أن يكون وصفها باللقح وإن كانت تلقح كما قيل: ليل نائم والنوم فيه، وسر كاتم وكما قيل:

                                                                                                                                                                                                                                      الناطق المبروز والمختوم [ ص: 88 ] فجعله مبروزا على غير فعل، أي إن ذلك من صفاته فجاز مفعول لمفعل، كما جاز فاعل لمفعول إذ لم يرد البناء على الفعل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأول في الصلاة،  فابتدرها الناس وأراد بعض المسلمين أن يبيع داره النائية ليدنو من المسجد فيدرك الصف الأول فأنزل الله -عز وجل- ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين فإنا نجزيهم على نياتهم فقر الناس.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية