(أن نقول) كما تقول: إنما قولنا الحق وأما قوله (فيكون) فهي منصوبة بالرد على نقول.
ومثلها التي في يس منصوبة، وقد رفعها أكثر القراء. وكان يرد الرفع في النحل . وفي يس وهو جائز على أن تجعل (أن تقول له) كلاما تاما ثم تخبر بأنه سيكون، كما تقول للرجل: إنما يكفيه أن آمره ثم تقول: فيفعل بعد ذلك ما يؤمر. الكسائي
وقوله: والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا ذكر أنها نزلت في عمار وصهيب ونظرائهم الذين عذبوا بمكة وبلال لنبوئنهم في الدنيا حسنة : نزول المدينة، ولنحللن لهم الغنيمة. و (الذين) موضعها رفع.
وقوله: وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا ثم قال: بالبينات والزبر بعد إلا وصلة ما قبل إلا لا تتأخر بعد إلا. وذلك جائز على كلامين. فمن ذلك أن تقول: ما ضرب زيدا إلا أخوك، وما مر بزيد إلا أخوك. (فإن قلت ما ضرب إلا أخوك زيدا أو ما مر إلا أخوك بزيد) فإنه على كلامين تريد ما مر إلا أخوك ثم تقول: مر بزيد. ومثله قول الأعشى:
وليس مجيرا إن أتى الحي خائف ولا قائلا إلا هو المتعيبا
[ ص: 101 ] فلو كان على كلمة واحدة كان خطأ لأن المتعيب من صلة القائل فأخره ونوى كلامين فجاز ذلك.وقال الآخر:
نبئتهم عذبوا بالنار جارتهم وهل يعذب إلا الله بالنار
ورأيت يجعل (إلا) مع الجحد والاستفهام بمنزلة غير فينصب ما أشبه هذا على كلمة واحدة، واحتج بقول الشاعر : الكسائي
فلم يدر إلا الله ما هيجت لنا أهلة أناء الديار وشامها
ولا حجة له في ذلك لأن (ما) في موضع أي فلها فعل مضمر على كلامين. ولكنه حسن قوله، يقول الله عز وجل لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فقال: لا أجد المعنى إلا لو كان فيهما آلهة غير الله لفسدتا، واحتج بقول الشاعر :
أبني لبينى لستم بيد إلا يد ليست لها عضد
فقال لو كان المعنى إلا كان الكلام فاسدا في هذا؛ لأني لا أقدر في هذا البيت على إعادة خافض بضمير، وقد ذهب هاهنا مذهبا.