الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: نسقيكم مما في بطونه  العرب تقول لكل ما كان من بطون الأنعام ومن السماء أو نهر يجري لقوم: أسقيت. فإذا سقاك الرجل ماء لشفتك قالوا: سقاه. ولم يقولوا: أسقاه كما قال الله عز وجل وسقاهم ربهم شرابا طهورا وقال والذي هو يطعمني ويسقين وربما قالوا لما في بطون الأنعام ولماء السماء سقى وأسقى، كما قال لبيد:


                                                                                                                                                                                                                                      سقى قومي بني مجد وأسقى نميرا والقبائل من هلال     رعوه مربعا وتصيفوه
                                                                                                                                                                                                                                      بلا وبإ سمي ولا وبال



                                                                                                                                                                                                                                      وقد اختلف القراء فقرأ بعضهم (نسقيكم) وبعضهم (نسقيكم) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأما قوله (مما في بطونه) ولم يقل بطونها فإنه قيل -والله أعلم- إن النعم والأنعام شيء واحد، وهما جمعان، فرجع التذكير إلى معنى النعم إذ كان يؤدي عن الأنعام ؛ أنشدني بعضهم:


                                                                                                                                                                                                                                      إذا رأيت أنجما من الأسد     جبهته أو الخراة والكتد
                                                                                                                                                                                                                                      بال سهيل في الفضيح ففسد     وطاب ألبان اللقاح وبرد

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 109 ] فرجع إلى اللبن لأن اللبن والألبان يكون في معنى واحد. وقال الكسائي: (نسقيكم مما بطونه) : بطون ما ذكرناه، وهو صواب، أنشدني بعضهم:


                                                                                                                                                                                                                                      مثل الفراخ نتقت حواصله



                                                                                                                                                                                                                                      وقال الآخر:

                                                                                                                                                                                                                                      كذاك ابنة الأعيار خافي بسالة الرجال وأصلال الرجال أقاصره

                                                                                                                                                                                                                                      ولم يقل أقاصرهم. أصلال الرجال: الأقوياء منهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله سائغا للشاربين يقول: لا يشرق باللبن ولا يغص به.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية