الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              مسألة: التكبير في أول الأذان أربع.  ، وقال مالك: مرتان.

                                                              لنا حديث عبد الله بن زيد المتقدم وأن بلالا دام على ذلك بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم. احتجوا: بما ذكرنا في المسألة فيها من رواية روح ، عن ابن جريج أن التكبير مرتان ، وكذا روى محمد عن بكر بن جريج أيضا.

                                                              362 - وأخبرنا ابن الحصين ، قال: أنبأنا ابن المذهب ، قال: أنبأنا أحمد بن جعفر ، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثنا سريج بن النعمان ، عن الحارث بن عبيد عن محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة عن أبيه عن جده "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- علمه التكبير في الأذان ، فذكر التكبير فيه مرتين فقط".

                                                              قالوا: وروى أبو داود من حديث معاذ بن جبل: "أن عبد الله بن زيد جاء إلى [ ص: 303 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم- فاستقبل القبلة ، وقال: الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقنها بلالا".

                                                              والجواب: أن رواة حديثنا أكثر وأشهر وأحفظ ، وقد روينا من حديث عبد الله بن زيد أن التكبير أربع ، وأن بلالا كان يفعل ذلك. وروينا في حديث أبي محذورة ، وسعد القرظ كذلك. وإذا اختلفت الرواية عن أبي محذورة وكان رواتنا أكثر وأحفظ ، وقد أتوا بالزيادة كانوا أولى ، لأن الآتي بالزيادة قد حفظ ما لم يحفظ الناقص.

                                                              مسألة: الأفضل في الإقامة الإفراد. وقال أبو حنيفة: التثنية.

                                                              363 - أخبرنا عبد الأول ، قال: أنبأنا الداودي ، أنبأنا ابن أعين ، قال: حدثنا الفربري ، قال: حدثنا البخاري ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد ، عن سماك بن عطية ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس قال: "أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة إلا الإقامة". أخرجاه في الصحيحين.

                                                              364 - أخبرنا ابن عبد الخالق ، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أحمد ، حدثنا محمد بن عبد الملك ، قال: حدثنا الدارقطني ، حدثنا علي بن عبد الله بن مبشر ، حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا عبد الرحمن ، عن شعبة ، عن أبي جعفر ، قال: سمعت أبا المثنى يحدث عن ابن عمر ، قال: "كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين ، والإقامة مرة مرة. غير أن المؤذن كان إذا قال قد قامت الصلاة ، قال: قد قامت الصلاة مرتين".

                                                              365 - قال الدارقطني : وحدثنا أبو بكر الشافعي ، حدثنا محمد بن غالب ، حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب ، حدثنا إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة ، قال: حدثني عبد الملك ، أنه سمع أباه أبا محذورة يقول: "إن النبي صلى الله عليه وسلم- أمره أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة" احتجوا بما: [ ص: 304 ] .

                                                              366 - أخبرنا به عبد الملك بن أبي القاسم ، قال: أنبأنا أبو عامر ، وأبو بكر ، قالا: أنبأنا ابن الجراح ، قال: أنبأنا ابن العباس بن محبوب ، قال: حدثنا أبو عيسى ، حدثنا أبو سعيد الأشج ، قال: حدثنا عقبة بن خالد ، عن ابن أبي ليلى ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن عبد الله بن زيد ، قال: "كان أذان رسول الله صلى الله عليه وسلم- شفعا شفعا في الأذان والإقامة".

                                                              367 - وأخبرنا ابن عبد الخالق ، أنبأنا عبد الرحمن بن أحمد ، أنبأنا محمد بن عبد الملك ، قال: حدثنا الدارقطني ، حدثنا ابن صاعد ، قال: حدثنا الحسن بن يونس الزيات ، قال: حدثنا أسود بن عامر ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن معاذ بن جبل ، قال: "قام عبد الله بن زيد ، فقال: يا رسول الله ، رأيت في النوم كأن رجلا نزل من السماء فأذن مثنى مثنى ، ثم جلس ، ثم قام ، فقال: مثنى مثنى - قال أبو بكر بن عياش: على نحو من أذاننا اليوم- فقال: "علمها بلالا". قال عمر: قد رأيت مثل الذي رأى ، ولكنه سبقني".

                                                              368 - قال الدارقطني : وحدثنا محمد بن مخلد ، حدثنا إبراهيم بن محمد ، حدثنا إبراهيم بن دينار ، حدثنا زياد بن عبد الله البكائي ، حدثنا إدريس الأودي ، عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه "أن بلالا أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم- بمنى ، صوتين صوتين ، وأقام بمثل ذلك". قالوا: وقد روى الدارقطني أن الأسود بن يزيد ، وسويد بن غفلة ، قالا: "كان بلالا يثني الإقامة". وقال مجاهد: "كان الأذان والإقامة مثنى مثنى ، فلما قام بنو أمية أفردوا الإقامة". وقال النخعي: أول من نقص الإقامة معاوية.

                                                              والجواب: أما الحديث الأول فقال الترمذي : لم يسمع ابن أبي ليلى من ابن زيد.

                                                              [ ص: 305 ] وأما الحديث الثاني: فقال ابن خزيمة: لم يسمع ابن أبي ليلى من معاذ.

                                                              وأما الثالث: فيرويه زياد ، عن إدريس الأودي ووهم عليه فيه ، وقال يحيى بن معين: زياد ليس بشيء. وقال ابن المديني لا أروي عنه.

                                                              فإن قيل: فقد وثقه أحمد في رواية ، وقال أبو زرعة صدوق. قلنا: الجرح مقدم.

                                                              وأما الأسود ، وسويد فلم يدركا بلالا ، وما ذكروه عن مجاهد لا يعرف ، وما ذكروه عن النخعي فالمحفوظ نقض الإقامة ، بالضاد المعجمة ، ونقضه لها أنها كانت فرادى فجعلها مثنى. قال أبو عبد الله الحاكم: والدليل على أن المنقول كذا أنا روينا عن النخعي ما يوافق مذهبنا ، فلو كان عنده سنة صحيحة لم يخالفها. وأحاديثنا أصح والجمهور معنا. قال بكير بن عبد الله الأشج: "أدركت أهل المدينة في الأذان مثنى مثنى ، وفي الإقامة مرة". وبكير من كبار التابعين ، وهو يخبر بهذا عن الصحابة والتابعين في دار الهجرة ، ثم إن مذهبنا مروي عن الخلفاء الأربعة ، كان يقام لهم مرة ، وعن ابن عمر ، وابن عباس ، وأنس ، وفقهاء المدينة السبعة: سعيد بن المسيب ، وأبي بكر بن عبد الرحمن ، والقاسم بن محمد ، وسليمان بن يسار ، وخارجة بن زيد ، وعبيد الله بن عبد الله ، وعروة وهو مذهب الحسن ، وسالم ، وعمر بن عبد العزيز ، والزهري ، والقرظي ، والأوزاعي ، والليث ، ومالك ، والشافعي ، وابن راهويه في خلق كثير.

                                                              وما ذهب الخصم إليه لم ينقل إلا عن الثوري ، وابن المبارك وفي الحديث "عليكم بالسواد الأعظم" وهو معنا .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية