الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              مسألة: يجوز الأذان للفجر قبل طلوعه  ، وقال أبو حنيفة: لا يجوز.

                                                              370 - أخبرنا هبة الله بن محمد ، أنبأنا الحسن بن علي التميمي ، أنبأنا أحمد بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال: حدثني أبي ، حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن سالم عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم". أخرجاه في الصحيحين.

                                                              371 - أخبرنا يحيى بن ثابت بن بندار أنبأنا أبي قال: حدثنا أبو بكر البرقاني ، أنبأنا أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي ، أنبأنا الفريابي ، قال: حدثنا إسحاق بن موسى ، حدثنا عبدة ابن سليمان ، حدثنا عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال: وعن القاسم عن عائشة قالا: كان للنبي صلى الله عليه وسلم- مؤذنان بلال ، وابن أم مكتوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم". أخرجاه في الصحيحين.

                                                              372 - أخبرنا ابن عبد الواحد الشيباني ، أنبأنا أبو علي التميمي ، أنبأنا أبو بكر بن مالك ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال: حدثني أبي ، حدثنا وكيع ، حدثنا أبو هلال ، عن سوادة بن حنظلة ، عن سمرة بن جندب ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يمنعنكم من [ ص: 307 ] سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل ولكن الفجر المستطير في الأفق". انفرد بإخراجه مسلم.

                                                              373 - أنبأنا أبو غالب الماوردي ، أنبأنا أبو علي التستري ، أنبأنا أبو عمر الهاشمي ، قال: حدثنا محمد بن أحمد اللؤلؤي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا عبد الله بن مسلمة ، حدثنا عبد الله بن عمر بن غانم ، عن عبد الرحمن بن زياد يعني الأفريقي ، عن زياد بن نعيم الحضرمي أنه سمع زياد بن الحارث الصدائي ، قال: "لما كان أول أذان الصبح أمرني يعني النبي صلى الله عليه وسلم- فأذنت فجعلت أقول أقيم يا رسول الله فجعل ينظر إلى ناحية المشرق وإلى الفجر فيقول لا حتى إذا طلع الفجر نزل فبرز ثم انصرف إلي وقد تلاحق أصحابه فتوضأ فأراد بلال أن يقيم فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم- إن أخا صداء أذن ومن أذن فهو يقيم قال: فأقمت" قالوا: عبد الله بن زياد هو الأفريقي وهو ضعيف قلنا: قد قوى أمره البخاري وقال: هو مقارب الحديث.

                                                              فإن قيل: كان بلال مريض العين لا يحقق الفجر واستدلوا بما:

                                                              374 - أخبرنا به هبة الله بن محمد ، قال: أنبأنا الحسن بن علي ، قال: أنبأنا أحمد بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال: حدثني أبي ، حدثنا عفان ، قال: حدثنا همام حدثني سوادة ، قال: سمعت سمرة بن جندب يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يغرنكم نداء بلال فإن في بصره سوءا".

                                                              375 - وأخبرنا عبد الأول ، قال: أنبأنا الداودي ، أنبأنا ابن أعين ، قال: أنبأنا إبراهيم بن خزيم ، حدثنا عبد بن حميد ، قال: حدثنا محمد بن الفضل ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر "أن بلالا أذن قبل طلوع الفجر فأمره النبي صلى الله عليه وسلم- أن يرجع فينادي "ألا إن العبد نام" ثلاث مرات فرجع فنادى ألا إن العبد نام" [ ص: 308 ] .

                                                              376 - أخبرنا ابن عبد الخالق ، أنبأنا عبد الرحمن بن أحمد ، أنبأنا محمد بن عبد الملك ، قال: حدثنا الدارقطني ، حدثنا محمد بن نوح الجنديسابوري ، قال: حدثنا معمر بن سهل ، قال: حدثنا عامر بن مدرك ، حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد ، عن نافع ، عن ابن عمر "أن بلالا أذن قبل الفجر فغضب النبي صلى الله عليه وسلم- فأمره أن ينادي "إن العبد نام" فوجد وجدا شديدا".

                                                              377 - قال الدارقطني : وحدثنا العباس بن عبد السميع الهاشمي ، أنبأنا محمد بن سعد العوفي ، قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو يوسف القاضي ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس "أن بلالا أذن قبل الفجر فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم- أن يصعد فينادي إن العبد نام ففعل وقال: ليت بلالا لم تلده أمه وابتل من نضح دم جبينه".

                                                              378 - قال الدارقطني : وحدثنا يحيى بن محمد بن صاعد ، حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي ، قال: حدثنا محمد بن القاسم الأسدي ، حدثنا الربيع بن صبيح ، عن الحسن ، عن أنس بن مالك ، قال: "أذن بلال فأمره النبي صلى الله عليه وسلم- أن يعيد فرقي بلال وهو يقول: ليت بلالا ثكلته أمه وابتل من نضح دم جبينه -يرددها حتى صعد- ثم قال: ألا إن العبد نام مرتين - ثم أذن حين أضاء الفجر". وقد روي هذا عن الحسن ، وحميد بن هلال وغيرهما من التابعين يذكرون ذلك عن بلال.

                                                              ويؤكد هذا ما روى أبو داود من حديث شداد مولى عياض بن عامر عن بلال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا ومد يده عرضا".

                                                              والجواب: أما الحديث الأول: فقد رواه جماعة ولم يقولوا في بصره سوء.

                                                              وأما حديث حماد بن سلمة فوهم منه ، قال الترمذي : ، قال علي بن المديني: حديث حماد غير محفوظ أخطأ فيه حماد بن سلمة وقد تابعه على ذلك سعيد بن زربي ، عن أيوب وكان ضعيفا. قال يحيى: ليس بشيء ، وقال البخاري: عنده عجائب ، وقال النسائي: ليس بثقة ، وقال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الأثبات.

                                                              379 - وقال: الحكم أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه سمعت أبا بكر المطرز يقول سمعت محمد بن يحيى يقول حديث حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر [ ص: 309 ] أن بلالا أذن قبل طلوع الفجر شاذ غير واقع على القلب وهو خلاف ما رواه الناس عن ابن عمر.

                                                              380 - وقال أحمد بن حنبل ، حدثنا شعيب بن حرب ، قال: قلت لمالك بن أنس: إن الصبح ينادى لها قبل الفجر فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا". قلت: أليس قد أمره النبي صلى الله عليه وسلم- أن يعيد الأذان قال: لم يزل الأذان عندنا بليل . وقال ابن بكير : ، قال مالك: لم يزل الصبح ينادى بها قبل الفجر فأما غيرها من الصلاة فإنا لم نر ينادى بها إلا بعد أن يحل وقتها ، وقال الدارقطني : والصواب: ما روى شعيب بن حرب عن أبي داود ، عن نافع عن مؤذن لعمر كان يقال له: مسروح أذن قبل الصبح فأمره عمر أن يرجع فينادي قال: وقد رواه عامر بن مدرك ، عن عبد العزيز بن أبي رواد ووهم فيه عامر. والصواب: ما ذكرنا عن شعيب بن حرب ، قال الترمذي : لعل حماد بن سلمة أراد حديث مؤذن عمر ، قال الدارقطني : وأما حديث أبي يوسف القاضي فتفرد به عن سعيد بن أبي عروبة وغيره يرسله عن قتادة أن بلالا ولا يذكر أنسا والمرسل أصح.

                                                              وأما حديث أنس الثاني فإن محمد بن القاسم مجروح ، قال أحمد بن حنبل: أحاديثه موضوعة ، ليس بشيء ، رمينا حديثه ، وقال النسائي: متروك الحديث ، وقال الدارقطني : يكذب ، وفي إسناده أيضا الربيع بن صبيح ، قال عفان: أحاديثه كلها مقلوبة ، وقال يحيى: ضعيف الحديث وقال في رواية: ليس به بأس ، وقال ابن حبان : كان رجلا صالحا ليس الحديث من صناعته فوقع في أحاديثه المناكير من حيث لا يشعر.

                                                              وما روي عن الحسن وغيره فمقاطيع وكذلك حديث شداد فإنه لم يلق بلالا ، وقال محمد بن إسحاق بن خزيمة: كان الأذان نوبا بين بلال وبين ابن أم مكتوم فكان يتقدم بلال مرة ويتأخر ابن أم مكتوم ويتقدم ابن أم مكتوم ويتأخر بلال فيجوز أن يكون قال هذا في اليوم الذي كانت نوبته التأخير .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية