الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              مسألة: المضمضة والاستنشاق واجبان في الطهارتين  ، وقال أبو حنيفة : واجبان [ ص: 144 ] في الغسل مسنونان في الوضوء ، وقال مالك والشافعي : مسنونان فيهما ، لنا أربعة أحاديث:

                                                              الحديث الأول:

                                                              125 - أخبرنا المحمدان -ابن عبد الملك بن خيرون ، وابن عمر الأرموي- وعبد الرحمن بن محمد القزاز ، والحسين بن علي الخياط قالوا حدثنا عبد الصمد بن المأمون ، قال حدثنا الدارقطني ، حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث ، حدثنا الحسين بن علي بن مهران ، حدثنا عصام بن يوسف ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن ابن جريح ، عن سليمان بن موسى ، عن الزهري ، عن عروة عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لا بد منه.  في هذا الحديث مقال؛ لأنه تفرد به سليمان عن الزهري ، وتفرد به عصام ، عن ابن المبارك ، قال البخاري عند سليمان مناكير ، وقال علي بن المديني : سليمان مطعون عليه ، وقال الدارقطني : وهم فيه عصام ، والصواب عن ابن جريج ، عن سليمان بن موسى مرسلا ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وأحسبه اختلط عليه واشتبه بإسناد ابن جريج : أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها ، ويمكن أن يقال : سليمان ثقة ، وما علمنا في عصام طعنا ، والراوي قد يرفع ، وقد يرسل.

                                                              الحديث الثاني:

                                                              126 - أخبرنا ابن عبد الخالق ، أنبأنا أبو طاهر بن يوسف ، أنبأنا أبو بكر بن بشران ، أنبأنا الدارقطني ، قال حدثنا علي بن الفضل بن طاهر البلخي ، قال حدثنا أحمد بن حمدان العائذي ، حدثنا الحسين بن الجنيد الدامغاني وكان رجلا صالحا ، حدثنا علي بن يونس عن إبراهيم [ ص: 145 ] بن طهمان ، عن جابر ، عن عطاء ، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لا يتم الوضوء إلا بهما .  قال الخصم : جابر هو الجعفي وقد كذبه أيوب السختياني وزائدة ، قلنا: قد وثقه سفيان الثوري ، وشعبة وكفى بهما.

                                                              الحديث الثالث:

                                                              127 - أخبرنا ابن عبد الخالق ، أنبأنا أبو طاهر بن يوسف ، أنبأنا ابن بشران ، قال حدثنا الدارقطني ، قال حدثنا الحسين بن إسماعيل ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن موسى ، حدثنا هدبة ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن عمار بن أبي عمار ، عن أبي هريرة ، قال : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمضمضة والاستنشاق . قال الخصم: قد قال الدارقطني : لم يسنده عن حماد غير هدبة ، وداود بن المحبر ، وغيرهما يرويه عن عمار ، عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يذكر أبا هريرة ، والجواب أن هدبة ثقة أخرج عنه في الصحيحين ، فإذا رفعه كان رفعه زيادة على قول من وقفه ، والزيادة من الثقة مقبولة ، ومن وقفه لم يحفظ ما حفظ الرافع.

                                                              الحديث الرابع:

                                                              128 - أخبرنا ابن الحصين ، قال أنبأنا ابن المذهب ، قال أنبأنا أحمد بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال حدثني أبي ، حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا توضأ أحدكم فليستنشق بمنخريه من الماء ثم لينتثر.  وقد روى نحوه عثمان بن عفان ، وابن عباس ، وسلمة بن قيس ، والمقدام بن معديكرب ، ووائل بن حجر فإن قالوا : نحمله على الاستحباب بدليل ما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من توضأ فليستنثر من فعل فقد أحسن ، ومن لا فلا حرج قلنا : ظاهر الأمر الوجوب [ ص: 146 ] وليس احتجاجنا بقوله: فلينتثر ، إنما احتجاجنا بقوله : فليستنشق من الماء ثم لينتثر ، يقال : استنثر إذا حرك النثرة وهو طرف الأنف لإخراج الفضلة ، وذلك لا يجب ، وقد احتج أصحابنا بحديث يروى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جعل المضمضة والاستنشاق للجنب ثلاثا فريضة ، وهو حديث موضوع لم يروه غير بكرة بن محمد وكان كذابا ، وقد ذكرته في الموضوعات ، فلم أر في ذكره ههنا فائدة احتجوا بحديثين أحدهما حديث أم سلمة : إنما يكفيك ثلاث حثيات ، ولم يذكر المضمضة والاستنشاق ، وقد سبق هذا الحديث.

                                                              والثاني:

                                                              129 - أخبرنا به ابن عبد الخالق ، أنبأنا أبو طاهر ، أنبأنا أبو بكر بن بشران ، قال حدثنا الدارقطني ، حدثنا أبو سهل بن زياد ، حدثنا الحسن بن العباس ، حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا القاسم بن غصن ، عن إسماعيل بن مسلم ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المضمضة والاستنشاق سنة . وهذا لا يصح ، أما إسماعيل بن مسلم فقال يحيى : ليس [ ص: 147 ] بشيء ، وقال علي بن المديني : لا يكتب حديثه ، وقال ابن حبان : يروي المناكير عن المشاهير ، ويقلب الأسانيد ، وأما سويد فقال النسائي : ليس بثقة .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية