الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              مسألة: لمس النساء ينقض ،  وعنه إذا كان لشهوة وهو قول الشافعي ، وقال أبو حنيفة : لا ينقض [ ص: 172 ] .

                                                              167 - أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزار ، أنبأنا الحسن بن علي الجوهري ، عن أبي الحسن علي بن عمر ، حدثنا الحسين بن إسماعيل ، قال حدثنا يوسف بن موسى ، حدثنا جرير ، عن عبد الملك بن عمير ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل أنه كان قاعدا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل فقال : يا رسول الله ما تقول في رجل أصاب من امرأة لا تحل له ، فلم يدع شيئا يصيبه الرجل من امرأته إلا قد أصابه منها غير أنه لم يجامعها ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : توضأ وضوءا حسنا ثم قم فصل .  احتجوا بحديثين:

                                                              الحديث الأول:

                                                              168 - أخبرنا به الكروخي ، قال أنبأنا الأزدي ، والغورجي ، قالا أنبأنا الجراحي ، قال حدثنا المحبوبي ، حدثنا الترمذي ، قال حدثنا قتيبة ، حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عروة ، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ   [ ص: 173 ] .

                                                              طريق آخر:

                                                              169 - أخبرنا هبة الله بن محمد ، قال أنبأنا الحسن بن علي التميمي ، أنبأنا أحمد بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال حدثني أبي ، حدثنا محمد بن فضيل ، عن الحجاج ، عن عمرو بن شعيب ، عن زينب السهمية ، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ثم يقبل ثم يصلي ولا يتوضأ . [ ص: 174 ]

                                                              طريق ثالث:

                                                              170 - أخبرنا ابن عبد الخالق ، قال أنبأنا عبد الرحمن بن أحمد ، قال أنبأنا ابن بشران ، أنبأنا الدارقطني ، حدثنا الحسين بن إسماعيل ، حدثنا أحمد بن بشر بن عبد الوهاب ، حدثنا هشام ، حدثنا عبد الحميد ، حدثنا الأوزاعي ، قال حدثني عمرو بن شعيب ، عن زينب أنها سألت عائشة عن الرجل يقبل امرأته ويلمسها أيجب عليه الوضوء ؟ فقالت: ربما توضأ النبي صلى الله عليه وسلم فيقبلني ، ثم يمضي فيصلي ولا يتوضأ   .

                                                              طريق رابع :

                                                              171 - وبالإسناد قال الدارقطني ، حدثنا الحسين بن إسماعيل ، قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان الثوري ، عن أبي روق ، عن إبراهيم التيمي عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ، ثم يقبل بعدما يتوضأ ، ثم يصلي ولا يتوضأ .

                                                              طريق خامس :

                                                              172 - وبه قال الدارقطني ، حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق ، حدثنا محمد بن الحسين [ ص: 175 ] الحنيني ، قال حدثنا جندل بن والق ، حدثنا عبيد الله بن عمرو ، عن غالب ، عن عطاء عن عائشة قال: ربما قبلني رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صلى ولا يتوضأ .

                                                              الحديث الثاني:

                                                              173 - أنبأنا محمد بن عبد الملك ، عن أبي محمد الجوهري ، عن الدارقطني ، عن أبي حاتم بن حبان ، قال حدثنا ابن قتيبة ، قال حدثنا عبد العزيز بن إسحاق بن هبار ، قال حدثنا آدم بن أبي إياس ، قال حدثنا ركن بن عبد الله ، عن مكحول عن أبي أمامة ، قال قلت: يا رسول الله الرجل يتوضأ للصلاة ثم يقبل أهله أو يلاعبها ينقض ذلك وضوءه ؟ قال: لا .

                                                              والجواب : أما الطريق الأول في الحديث الأول فقال الترمذي : سمعت محمد بن إسماعيل يضعف هذا الحديث ويقول : حبيب لم يسمع من عروة ، وضعفه يحيى بن سعيد أيضا وقال: هو شبه لا شيء. وأما الطريق الثاني والثالث ففيهما زينب ، قال الدارقطني : زينب هذه مجهولة ولا تقوم بها حجة ، قلت: والحجاج مجروح أيضا ، وأما الطريق الرابع فقال الترمذي : لا يعرف لإبراهيم سماع من عائشة ، وليس يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء ، وقال الدارقطني : لم يروه غير إبراهيم عن أبي روق ، عن عطية بن الحارث ، ولا نعلم حدث به عنه غير الثوري ، وأبي حنيفة واختلفا فيه ، وأسنده الثوري عن عائشة ، وأسنده أبو حنيفة عن حفصة ، وكلاهما أرسله ، وإبراهيم لم يسمع من عائشة ولا من [ ص: 176 ] حفصة ، ولا أدرك زمانهما ، قال: وقد روى هذا الحديث معاوية بن هشام ، عن الثوري ، عن أبي روق ، عن إبراهيم التيمي عن أبيه ، عن عائشة فوصل إسناده ، واختلف عليه في لفظه فروى عثمان بن أبي شيبة عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم .  وقال غير عثمان : كان يقبل ولا يتوضأ.

                                                              وأما الطريق الخامس فقال الدارقطني : غالب هو ابن عبيد الله ، وهو متروك ، وقد رواه أبو سلمة خالد بن سلمة الجهني ، فقال: عن عبد الله بن غالب ووهم فيه ، وإنما أراد غالب بن عبيد الله ، وأبو سلمة ضعيف أيضا ، وأما حديث أبي أمامة فقال ابن حبان : لا يحل الاحتجاج بركن ، وقال النسائي ، والدارقطني : هو متروك .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية