الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              الحديث الثاني:

                                                              175 - وبالإسناد قال أحمد ، حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق ، قال حدثني محمد بن مسلم الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن زيد بن خالد الجهني ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من مس فرجه فليتوضأ   [ ص: 178 ] .

                                                              الحديث الثالث:

                                                              176 - وبالإسناد قال أحمد ، حدثنا عبد الجبار بن محمد الخطابي ، قال حدثنا بقية ، قال حدثنا محمد بن الوليد الزبيري ، عن عمرو بن شعيب عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أيما رجل مس فرجه فليتوضأ ، وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ .

                                                              الحديث الرابع:

                                                              177 - أخبرنا ابن عبد الخالق ، أنبأنا أبو طاهر بن يوسف ، قال أنبأنا أبو بكر بن بشران ، قال حدثنا الدارقطني ، حدثنا محمد بن مخلد ، حدثنا إسماعيل بن معبد بن نوح ، حدثنا إسحاق بن محمد الفروي ، حدثنا عبد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من مس ذكره فليتوضأ وضوءه للصلاة   .

                                                              الحديث الخامس:

                                                              178 - وبالإسناد قال الدارقطني ، حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق ، حدثنا الحسن بن سلام الصواف ، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي ، حدثنا يزيد بن عبد الملك بن المغيرة النوفلي ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه حتى لا يكون بينه وبينه حجاب ولا شيء فليتوضأ وضوءه للصلاة   [ ص: 179 ] .

                                                              الحديث السادس:

                                                              179 - وبه قال الدارقطني ، حدثنا محمد بن مخلد ، حدثنا حمزة بن العباس المروزي ، حدثنا عتيق بن يعقوب ، حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن حفص العمري ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ويل للذين يمسون فروجهم ثم يصلون ولا يتوضؤون ، قالت عائشة : بأبي وأمي هذا للرجال ، أفرأيت النساء ؟ قال: إذا مست إحداكن فرجها فلتوضأ للصلاة .

                                                              الحديث السابع:

                                                              180 - أنبأنا محمد بن عبد الباقي ، أنبأنا إبراهيم بن عمر البرمكي ، عن عبد العزيز بن جعفر ، قال حدثنا أحمد ، قال حدثنا محمد بن عوف ، حدثنا مروان ، حدثنا الهيثم بن حميد [ ص: 180 ] ، حدثنا الأوزاعي ، حدثنا العلاء بن الحارث ، عن مكحول ، عن عتبة بن أبي سفيان عن أم حبيبة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مس ذكره فليتوضأ .

                                                              الحديث الثامن:

                                                              181 - أنبأنا محمد بن ناصر ، أنبأنا أبو منصور محمد بن الحسين المقومي ، قال أنبأنا القاسم بن أبي المنذر ، أنبأنا علي بن إبراهيم ، حدثنا محمد بن يزيد بن ماجه ، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، حدثنا معاوية بن عيسى ، عن ابن أبي ذئب ، عن عقبة بن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن جابر بن عبد الله ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مس أحدكم ذكره فعليه الوضوء   .

                                                              الحديث التاسع:

                                                              182 - وبالإسناد حدثنا ابن ماجه ، حدثنا سفيان بن وكيع ، حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن إسحاق بن أبي فروة ، عن الزهري ، عن عبد الله بن عبد القارئ ، عن أبي أيوب ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من مس فرجه فليتوضأ . [ ص: 181 ]

                                                              قال الخصم : كل هذه الأحاديث مطعون فيها؛ أما الأول فقالوا: لم يسمعه عروة من بسرة ، إنما سمعه من مروان.

                                                              183 - فأخبرنا الكروخي ، قال أنبأنا الأزدي ، والغورجي ، قالا أنبأنا الجراحي ، حدثنا المحبوبي ، حدثنا الترمذي ، حدثنا إسحاق بن منصور ، قال أنبأنا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن مروان ، عن بسرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.

                                                              184 - وأخبرنا أبو الحصين ، قال ابن المذهب ، أنبأنا القطيعي ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، حدثني إسماعيل بن علية ، حدثنا عبد الله بن أبي بكر ، قال : سمعت عروة بن الزبير يحدث أبي قال: ذاكرني مروان مس الذكر ، فقلت: ليس فيه وضوء ، فقال : بسرة بنت صفوان تحدث فيه ، فأرسل إليها رسولا ، فذكر الرسول أنها تحدث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من مس ذكره فليتوضأ ، وقال إبراهيم الحربي : حديث بسرة يرويه شرطي عن شرطي عن امرأة ، وذكر الدارقطني : أن علي بن المديني ، قال : أرسل مروان شرطيا إلى بسرة حتى رد إليه جوابها ، وذكروا عن يحيى بن معين أنه قال: ثلاثة أحاديث لا تصح ؛ حديث مس الذكر ، ولا نكاح إلا بولي ، وكل مسكر حرام ، وأما الحديث الثاني فإن مالكا قد قدح في ابن إسحاق.

                                                              وأما الثالث فإن بقية كان مدلسا عن الضعفاء ، ولا يوثق بحديثه ، ثم عمرو بن شعيب عن أبيه ، عن جده مرسل ، والمراسيل ليست بحجة.

                                                              وأما الرابع والتاسع ففيه الغروي ، قال النسائي : ليس بثقة ، وفيهما عبد الله بن عمر العمري ، وقد ضعفه يحيى ، وقال النسائي : ليس بالقوي ، وقال ابن حبان : غلب عليه التعبد ، فغفل عن الحفظ ، فوقعت المناكير في روايته ، فلما فحش خطؤه استحق الترك ، وأما الخامس ففيه يزيد بن عبد الملك ، قال أحمد عنده مناكير ، وقال يحيى ، والدارقطني ضعيف ، وقال أبو حاتم الرازي منكر الحديث جدا ، وقال النسائي : متروك الحديث ، وأما السادس ففيه عبد الرحمن العمري ، قال أحمد : ليس يساوي حديثه شيئا ، حذفناه كان كذابا ، وقال يحيى : ليس بشيء ، وقال أبو حاتم الرازي : متروك الحديث كان يكذبه ، وقال النسائي ، وأبو زرعة ، والدارقطني : متروك ، وأما السابع فقال الترمذي : قال البخاري : مكحول لم يسمع من عنبسة ، قال: وكأنه لم ير هذا الحديث صحيحا ، وقد ذكر محمد بن سعد : أن العلماء ضعفوا مكحولا . [ ص: 182 ]

                                                              وأما الثامن فقال البخاري : إنما روي عن عقبة ، عن ابن ثوبان هذا الحديث مرسلا ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وقال بعضهم: عن جابر ، ولا يصح ، وأما التاسع ففيه إسحاق الفروي ، وقد سبق جرحه .

                                                              والجواب: أما الحديث الأول فقد حكم بصحته الترمذي وإسناده صحيح ، ومن الممكن أن يقال : إن عروة حين سمعه من بسرة لم يكن سمعه منها ، ثم سمعه منها ؛ يدل على هذا أن الدارقطني روى في كتابه عن عروة أنه قال بعد أن حدثه مروان : فسألت بسرة بعد ذلك فصدقته ، وأما ابن إسحاق فقد وثقه يحيى ، وقال شعبة : هو صدوق ، وبقية قد أخرج عنه مسلم في صحيحه ، وما زال العلماء يحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه ، عن جده ، وإذا كان جده هو عبد الله لم يكن الحديث مرسلا ، لأنه قد سمع شعيب منه ، ثم المراسيل عندنا حجة ، وأما عبد الله بن عمر فقال يحيى في روايته : ليس به بأس ، ويمكن أن يطالب بسبب التضعيف في حق الكل ، فإن المحدثين يضعفون بما ليس بتضعيف عند الفقهاء ، وما حكوه عن الحربي فبعيد ؛ لأن قوله عن امرأة يدل على وهن ، وليس في الصحابيات مغمز ، وكذلك ما حكوا عن يحيى ؛ فإنه لا يثبت ، وقد كان مذهبه انتقاض الوضوء بمس الذكر  ، وكان يحتج بحديث بسرة كذلك رواه الدارقطني عنه ، وروى عنه عبد الملك الميموني أنه قال: إنما يطعن في حديث بسرة من لا يذهب إليه ، والاعتماد من هذه الأحاديث على حديث بسرة ، وللخصم ثلاثة أحاديث:

                                                              الحديث الأول:

                                                              185 - أخبرنا هبة الله بن محمد ، أنبأنا الحسن بن علي ، أنبأنا أحمد بن جعفر ، قال حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال حدثني أبي ، حدثنا حماد بن خالد ، ح وأخبرنا إسماعيل بن أحمد واللفظ له ، قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة ، أنبأنا حمزة بن يوسف ، حدثنا أبو أحمد بن عدي ، حدثنا محمد بن يحيى بن سليمان ، حدثنا عاصم بن علي ، قالا حدثنا أيوب بن عتبة اليمامي ، عن قيس بن طلق ، عن أبيه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن مس الذكر فقال: يا رسول الله أيتوضأ أحدنا من مس ذكره ؟ فقال هل هو إلا بضعة منك .

                                                              طريق ثان:

                                                              186 - أخبرنا ابن الحصين ، قال أنبأنا ابن المذهب ، أنبأنا أحمد بن جعفر ، قال حدثنا عبد [ ص: 183 ] الله بن أحمد ، قال حدثني أبي ، حدثنا موسى بن داود ، حدثنا محمد بن جابر ، عن قيس بن طلق عن أبيه قال: كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فسأله رجل فقال : مسست ذكري ، أو الرجل يمس ذكره في الصلاة ، عليه الوضوء؟ قال: لا ، إنما هو منك .

                                                              طريق ثالث:

                                                              187 - أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا ابن مسعدة ، أنبأنا حمزة ، قال أنبأنا أبو أحمد بن عدي ، حدثنا محمد بن خزيم الدمشقي ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا سعيد بن يحيى ، حدثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن أيوب بن محمد العجلي ، عن قيس بن طلق بن قيس أو طلق بن قيس الحنفي ، عن أبيه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مس فرجه ، فقال: إن هو إلا بضعة منك .

                                                              طريق رابع:

                                                              188 - أخبرنا محمد بن أبي طاهر البزار ، أنبأنا أبو يعلى محمد بن الحسين ، أنبأنا علي بن عمر بن شاذان ، حدثنا حامد بن بلال ، حدثنا محمد بن عبد الله البخاري ، حدثنا عيسى بن موسى غنجار ، عن غياث بن إبراهيم ، عن محمد بن جابر الحنفي ، عن قيس بن طلق عن أبيه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مس الذكر فقال: إنما هو بضعة منك .

                                                              طريق خامس:

                                                              189 - أخبرنا الكروخي ، أنبأنا الأزدي ، والغورجي ، قالا أنبأنا الجراحي ، حدثنا المحبوبي [ ص: 184 ] قال حدثنا الترمذي ، حدثنا هناد ، قال حدثنا ملازم بن عمرو ، عن عبد الله بن بدر ، عن قيس بن طلق بن علي عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : وهل هو إلا مضغة منه ، أو بضعة منه .

                                                              الحديث الثاني:

                                                              190 - أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا ابن مسعدة ، أنبأنا حمزة ، أنبأنا أبو أحمد بن عدي ، أنبأنا أبو يعلى ، قال حدثنا كامل بن طلحة ، حدثنا حماد بن زيد ، عن جعفر بن الزبير ، عن القاسم ، عن أبي أمامة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما هو حذية منك ، يعني مس الذكر .

                                                              الحديث الثالث:

                                                              191 - أخبرنا ابن عبد الخالق ، أنبأنا عبد الرحمن بن أحمد ، أنبأنا أبو بكر بن بشران ، حدثنا علي بن عمر ، أنبأنا محمد بن أحمد بن عمرو ، أنبأنا أحمد بن محمد بن رشدين ، حدثنا سعيد بن عفر ، قال حدثنا الفضل بن المختار ، عن الصلت بن دينار عن عصمة بن مالك الخطمي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن رجلا قال يا رسول الله إني احتككت في الصلاة ، فأصابت يدي فرجي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وأنا أفعل ذلك . وهذه الأحاديث الثلاثة ضعاف ، أما الأول ففي طريق الأول أيوب عن عتبة ، قال يحيى بن معين : ليس بشيء ، وقال النسائي : مضطرب الحديث ، وأما الثاني ففيه محمد بن جابر ، قال يحيى : ليس بشيء ، وقال الفلاس : متروك الحديث ، وقال ابن حبان : كان يلحق في كتبه ما ليس في حديثه ويسرق ما ذوكر به ، فيحدث به ، وفي الطريق الثالث العجلي ، وقد ضعفه يحيى بن معين ، وفيه [ ص: 185 ] عبد الحميد ، قال الثوري : هو ضعيف .

                                                              وفي الطريق الرابع غياث بن إبراهيم ، قال أحمد ، والبخاري ، والدارقطني : هو متروك ، وقال يحيى : كان كذابا ، وقال ابن حبان : يضع الحديث ، وقد سبق ذكر محمد بن جابر ، وأما قيس بن طلق فقد ضعفه أحمد ، ويحيى ، وقال أبو حاتم الرازي ، وأبو زرعة : قيس لا تقوم به حجة ، وقد ادعى أصحابنا على تقدير صحة هذا الحديث أنه منسوخ ، قالوا: لأنه كان في أول الهجرة ، وأحاديثنا متأخرة إذ من جملة رواتها أبو هريرة وإسلامه متأخر.

                                                              192 - أخبرنا ابن عبد الخالق ، قال أنبأنا أبو طاهر بن يوسف ، أنبأنا محمد بن عبد الملك ، حدثنا علي بن عمر الحافظ ، قال حدثنا إسماعيل بن يونس ، حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ، حدثنا محمد بن جابر عن قيس بن طلق عن أبيه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يؤسسون مسجد المدينة وهم ينقلون الحجارة ، فقلت: يا رسول الله ألا ننقل كما ينقلون ؟ قال: لا ، ولكن اخلط لهم الطين يا أخا اليمامة ؛ فأنت أعلم به ، قال: فجعلت أخلطه وينقلونه.

                                                              وأما حديثهم الثاني فيه القاسم ، قال ابن حبان : كان يروي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المعضلات ، وفيه جعفر بن الزبير ، قال شعبة : كان يكذب ، وقال البخاري ، والنسائي ، والدارقطني : متروك.

                                                              وأما الحديث الثالث ففيه الصلت ، كان شعبة يتكلم فيه ، وقال أحمد ، والفلاس ، والدارقطني : ليس بالقوي ، وفي رواية عن أحمد ، قال : ترك الناس حديثه ، وفيه الفضل بن المختار ، قال ابن عدي : له أحاديث منكرة ، وقال أبو حاتم الرازي : هو مجهول وأحاديثه منكرة يحدث بالأباطيل .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية