الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير غريب حديث رسول الله:

قال أبو سليمان في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: إنهم كانوا معه في سفر فأصابهم بغيش فنادى مناديه من شاء أن يصلي في رحله فليفعل .

أخبرناه ابن الأعرابي نا الحسن بن علي بن عفان العامري نا أبو أسامة عن عامر بن عبيدة الباهلي نا أبو المليح الهذلي عن أبيه:

قوله: بغيش تصغير بغش وهو المطر الخفيف  قال الأصمعي أخف المطر وأضعفه الطل ثم الرذاذ ثم البغش يقال بغشت الأرض إذا نديت بالمطر فهي مبغوشة قال رؤبة:


سيدا كسيد الردهة المبغوش

.

قال ويقال أرض مبغوشة من البغش وأرض مرذ عليها من الرذاذ ولا يقال مرذة ولا مرذوذة قال الكسائي يقال أرض مرذة من الرذاذ ومطلولة من الطل وموبولة من الوابل ومجودة من الجود.

ومن هذا الباب أيضا حديثه الآخر أنهم كانوا معه في بعض المغازي [ ص: 73 ] فأصابهم رك أي مطر ضعيف يقال مطر رك وركيك وجمعه ركاك وركائك. قال ذو الرمة:


ترشفن درات الذهاب الركائك

.

ومنه قيل للرجل إذا كان ضعيف العقل ركيك.

فأما حديثه الآخر في صلاة المسافر أنه قال: إذا ابتلت النعال فالصلاة في الرحال. فالنعل ما غلظ من الأرض في صلابة قال الشاعر:


قوم إذا اخضرت نعالهم     يتناهقون تناهق الحمر

يريد أنهم يبطرون إذا أخصبوا. وإنما قيل للأرض نعل لأنها تنعل وتوطأ ويقال للرجل الذليل نعل تشبيها له بالنعل التي توطأ وتداس بالأرجل أنشدني أبو عمر أنشدنا أبو العباس ثعلب:


إني إذا ما الأمر كان معلا     وأوخفت أيدي الرجال غسلا
وكان ذو الحلم أشد جهلا     من الوغول لم تجدني وغلا
ولم أكن دارجة ونعلا

[ ص: 74 ]

قال أبو عمر المعل الاختلاس وقوله: أوخفت معناه ارتعشت شبه ارتعاش يد الجبان باضطراب يدي موخف الغسل إذا حركه بيده والغسل الخطمي قال والدارجة الخسيس.

وفي الحديث من الفقه أن المطر الخفيف عذر في التخلف عن صلاة الجماعة.  وفيه أيضا أن الاجتماع للصلاة في السفر  مندوب إليه كما هو في الحضر.

التالي السابق


الخدمات العلمية