قال: ودخل علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلينا قطيفة، فلما رأيناه تحشحشنا، فقال: "مكانكما" .
وفي الخبر: "قلت: يا رسول الله، هي أحب إليك مني، قال: "هي أحب إلي منك، وأنت أعز علي".
أخبرناه ابن الأعرابي، نا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، نا عبد الجبار، نا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن أبيه، عن رجل، قال: سمعت عليا يذكره.
الدرع الحطمية، قال: هي الثقيلة العريضة، وقال بعضهم: هي التي تحطم السيوف أي: تكسرها، وقيل: منسوب إلى حطمة بن محارب بطن من عبد القيس كانوا يعملون الدروع نسبت إليهم كما نسبت التبعية إلى تبع، قال الهذلي:
وعليهما مسرودتان قضاهما داود أو صنع السوابغ تبع
[ ص: 292 ] قال ابن الكلبي: إنما سميت الأسنة يزنية؛ لأن أول من عملت له ذو يزن، وهو ملك من ملوك حمير، وقيل للسياط الأصبحية؛ لأن أول من اتخذها ذو أصبح ملك من حمير.
وأخبرنا التمار: غلام ابن الأنباري عنه، عن أبي العباس ثعلب، قال: حبس رجل فكتب إلى أبيه:
إذا ذبالة المصباح لاحت فإن الأصبحية لا تخاف
فدونك روها عني سليطا لتقعد عني السمر العجاف
قال: فرشا عنه فخلى سبيله.
قال أبو عبيدة: إنما قيل لملوك حمير التبابع لأن بعضهم يتبع بعضا؛ ولذلك سمي الظل تبعا، قال الشاعر:
يتبع روقيه كفعل التبع
وأنشد الأصمعي:
ترد المياه حضيرة ونفيضة ورد القطاة إذا اسمأل التبع
فالتبع: الظل، والحضيرة: ما بين السبعة الرجال إلى الثمانية. والنفيضة: الواحد ممن ينفض الطريق. والمسمئل: الضامر.
وقوله: تحشحشنا يريد تحركنا للنهوض، قال الأصمعي: تحشحش القوم إذا تحركوا، وأصله تحشش، زيدت فيه الحاء لئلا يجتمع حرفان من جنس واحد، كما قالوا: تكعكع وأصله من كع، وكفكفت فلانا عن كذا وأصله كففته، قال النابغة:
[ ص: 293 ]
فكفكفت مني عبرة فرددتها على النحر منها مستهل ودامع
ولا يكاد يوجد ذلك إلا في المضعف، وقد جاء حرفان شاذان: نخنخت البعير من أنخته، وفي بعض الأمثال: "تعظعظي، ثم عظي".
وقوله: "هي أحب إلي منك" معناه: أنها أقرب إلي، وألوط بالقلب منك، وهذا كقول أبي بكر حين قال: ما على الأرض أحد أحب إلي من عمر، ثم قال: اللهم والولد ألوط أي: ألصق بالقلب.
وقوله: أنت أعز علي معناه: أنت أعظم قدرا، وأرفع محلا، وتحقيقه أنت أشد فقدا، وأصل العز الشدة والمنعة. ومنه قولك للرجل: عز علي ما أصابك أي: اشتد علي ذلك، وأنشد أبو عمرو الشيباني:
أجد إذا ضمرت تعزز لحمها وإذا تشد بنسعة لا تنبس
يريد أنها إذا هزلت صلب لحمها، ولم يسترخ جلدها.
وقال أبو كبير الهذلي يصف العقاب:
حتى انتهيت إلى فراش عزيزة سوداء روثة أنفها كالمخصف
سماها عزيزة؛ لأنها من أقوى الجوارح وأشدها بأسا، ومن هذا قولهم: من عز بز : أي: من غلب سلب، قال الله تعالى: وعزني في الخطاب [ ص: 294 ] أي: غلبني في القول، ويقال: صار أعز مني وأشد. يقال: عاززته فعززته، قال الشاعر:
قطاة عزها شرك فباتت تجاذبه وقد علق الجناح


