لا تأمنن وإن أمسيت في حرم حتى تلاقي ما يمني لك الماني فالخير والشر مقرونان في قرن
بكل ذلك يأتيك الجديدان
أخبرناه نا ابن الأعرابي: أبو يحيى بن أبي مسرة، نا نا يعقوب بن محمد الزهري، يزيد بن عمرو بن مسلم الخزاعي، ثم المصطلقي، حدثني أبي، عن أبيه، قال: كنت عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومنشد ينشد هذا الشعر قال، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لو أدرك هذا الإسلام"، فبكى أبي فقلت: أتبكي لمشرك مات في الجاهلية، قال أبي: والله ما رأيت مشركة تلقفت من مشرك خيرا من سويد بن عامر. أن منشدا أنشده:
[ ص: 307 ]
معناه: يقضي لك القاضي، ويقدر لك المقدر. قوله: يمني لك الماني
أخبرني عن أبو عمر، عن أبي العباس ثعلب، قال: يقال: منى الله عليك الخير يمني منيا أي: قضاه، قال: وسميت منى؛ لأن الأقدار وقعت على الضحايا بها فذبحت، ومنه أخذت المنية، وقال ابن الأعرابي هدبة بن خشرم العذري:
رمينا فرامينا فوافق رمينا منية نفس في كتاب وفي قدر
وقال لبيد:
وعلمت أن النفس تلقى حتفها ما كان خالقها المليك منى لها
أي: قضى لها.
ومن هذا قوله تعالى: من نطفة إذا تمنى أي: تقدر وتخلق، ويقال: إنما سميت منى؛ لأن الدماء تمنى بها أي: تسال. ومنه سمي المني، وهو الماء الدافق. والجديدان: الليل والنهار، وهما الفتيان أيضا، ويقال لهما: الملوان. قال ابن مقبل:
ألا يا ديار الحي بالسبعان أمل عليها بالبلى الملوان
وقوله: تلقفت من مشرك أي: حملت ولدا منه، والتلقف: سرعة التناول لما يلقى إليك من شيء.