الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: أن رجلا من أسلم كان في غنيمة له يحش عليها في بيداء ذي الحليفة؛ إذ عدا عليه ذئب فانتزع شاة من غنمه، فجهجأه الرجل، فرماه بالحجارة حتى استنقذ منه شاته. وذكر القصة في كلام الذئب.

[ ص: 350 ]

يرويه علي بن عبد العزيز، عن حجاج بن منهال، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، قال: حدث أبو سعيد بذلك، وذكر القصة.

قال: فقال الذئب: أما اتقيت الله أن تنتزع مني شاة رزقتها، فقال الرجل: تالله ما سمعت كاليوم قط، فقال الذئب: أعجب من ذلك هذا الرسول بين الحرتين، يحدث الناس بما خلا، ويحدثهم بما هو آت، فلما سمع الرجل قول الذئب ساق غنمه يحوزها حتى جاء المدينة.

قوله: "يحش عليها"،  إنما هو يهش بالهاء. والهش: أن تضرب أغصان الشجرة بعصا حتى يتحات ورقها فترعاه الغنم، ومنه قوله تعالى: وأهش بها على غنمي . والهاء والحاء أختان في قرب المخرج.

وقوله: "جهجأه"،  إنما هو جهجهه أبدل الهاء همزة يقال: جهجهت السبع إذا زجرته. قال عمرو بن الإطنابة:


والضاربين الكبش يبرق بيضه ضرب المجهجه عن حياض الآبل



وفيه لغة أخرى: "هجهجت"، وهو في زجر الإبل أكثر. وأما الغنم فإنما يقال في الزجر لها: حاحيت، قال امرؤ القيس:


قوم يحاحون بالبهام ونس     وان صغار كهيئة الحجل



وقوله: "يحوزها"  أي: يسوقها، قال الشاعر:


يحوزهن وله حوزي



[ ص: 351 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية