الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أن أبا طلحة كان يرمي وهو يقتر بين يديه وكان راميا، وكان أبو طلحة يشور نفسه ويقول له إذا رفع شخصه: هكذا بأبي وأمي، لا يصيبك سهم، نحري دون نحرك يا رسول الله".  

أخبرناه ابن الأعرابي، نا محمد بن إسماعيل الصائغ، نا عفان، نا حماد بن سلمة، أخبرنا ثابت البناني، عن أنس.

قوله: "يقتر" معناه يجمع له الحصا والتراب يجعله قترا،  وكل كثبة منها قترة وهي العلامة. وقال الأصمعي: القتر: نصل الأهداف.

وأنشد لأبي ذؤيب:


كقتر الغلاء مستدرا صيابها



وزعم محمد بن السائب الكلبي أن يكسوم ابن أخي الأشرم أهدى للنبي -صلى الله عليه وسلم- سلاحا فيه سهم لغب، وقد ركبت معبلة في رعظه، فقوم فوقه وقال: هو مستحكم الرصاف وسماه قتر الغلاء. يقال للسهم الذي لم يلتئم ريشه: لغب، وهو اللغاب.

[ ص: 434 ]

قال بشر بن أبي خازم:


وإن الوائلي أصاب قلبي     بسهم لم يكن نكسا لغابا



فإذا التأم ريشه، وهو أن يكون بطن الريشة إلى ظهر الأخرى فهو اللؤام. والمعبلة: نصل عريض، والرعظ: مدخل النصل في السهم. والرصاف: عقبة تلوى على الرعظ. والغلاء: الرماء. يقال: غاليته أغاليه غلاء أي: راميته. والغلوة: مدى الرمية.

وقوله: يشور نفسه:  أي: يسعى ويخف، يظهر بذلك قوته. يقال: شرت الدابة إذا أجريتها لتنظر إلى سيرها.

التالي السابق


الخدمات العلمية