الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي صلى الله عليه: "أنه لما خرج إلى أحد جعل نساءه في أطم.

قالت صفية بنت عبد المطلب فأطل علينا يهودي فقمت إليه فضربت رأسه بالسيف ثم رميت به عليهم فتقضقضوا وقالوا لقد علمنا أن محمدا لم يترك أهله خلوفا "
 
.

حدثناه أحمد بن إبراهيم بن مالك نا محمد بن أيوب الرازي نا إسحاق بن محمد الفروي حدثتنا أم عروة بنت جعفر بن الزبير عن أبيها جعفر بن الزبير عن صفية بنت عبد المطلب وقال غيره عن الزبير عن صفية.

الأطم الحصن المبني بالحجارة والجمع الآطام وأطل أي أشرف وقوله: تقضقضوا أي تفرقوا وأصله تقضضوا من القض وهو كسر الشيء وتفريق أجزائه.

ومن مذهبهم إدخال الحرف بين الحرفين من جنس واحد كراهة اجتماعهما وأكثره في المضعف.

والقضض والقضة ما تفتت من الحصا.

وأنشدنا أبو عمر عن أبي العباس ثعلب يصف دلوا [ ص: 106 ] :


قد سقطت في قضة من شرج ثم استقلت مثل شدق العلج

يريد أنها سقطت على حجارة لا ماء فيها والشرج مجرى الماء وشبهها بشدق العلج لانضمامها والعلج الحمار.

قال وأخبرنا ثعلب عن الكوفيين والمبرد عن البصريين قالوا: القضة بالكسر عذرة الجارية والقضة بالضم العيب والقضة بالفتح الحصا الصغار.

ومن هذا الباب حديث ثوبان في مانع الزكاة: "أن رسول الله صلى الله عليه قال: "من ترك بعده كنزا مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع يتبعه فيقول من أنت فيقول أنا كنزك فلا يزال يتبعه حتى يلقمه يده فيقضقضها ": أي يقطعها" ويقال أسد قضقاض وهو الذي يكسر الفريسة ويقطعها قال رؤبة:


كم جاوزت من حية نضناض     وأسد في غيله قضقاض

وقوله: لم يترك أهله خلوفا أي لم يخلفهن لا حامي لهن ولا رجل معهن يقال الحي خلوف إذا خلفوا أثقالهم وخرجوا في رعي أو سقي أو نحو ذلك يقال أخلف الرجل إذا استقى الماء واستخلف مثله قال ذو الرمة يصف القطا:


ومستخلفات من بلاد تنوفة     لمصفرة الأشداق حمر الحواصل

[ ص: 107 ]

وأنشدنا أبو عمر أنشدنا أبو العباس عن سلمة عن الفراء:


ويهماء يستاف التراب دليلها     وليس بها إلا اليماني مخلف

يريد أنهم إذا عطشوا بقروا [بالسيوف] بطون الإبل فشربوا ما في أكراشها .

التالي السابق


الخدمات العلمية