الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي صلى الله عليه أنه قال فيمن صام الدهر: "لا صام ولا آل".

حدثناه إبراهيم بن فراس، نا أحمد بن محمد بن سالم، نا إسحاق بن راهويه، نا جرير، عن ليث بن أبي سليم، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد.

قال ابن فراس: آل على وزن عال، قال وقال إسحاق بن راهويه قال جرير: معناه لا رجع، والصواب ألى على وزن على مشددة، أو ألا على وزن علا مخففة، من ألوت آلو.

[ ص: 518 ] ورواه حماد بن سلمة، عن أبان، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد: أن النبي صلى الله عليه كان يأكل طعاما فدعا رجلا، فقيل: يا رسول الله، إنه يصوم الدهر فقال: "ما صام ولا ألى" يرددها ثلاثا، هكذا قال: ألى مشددة. قال الأصمعي ألا الرجل وألى لغتان مخفف ومشدد، وذلك إذا قصر وترك الجهد ؛ وأنشد للعجاج:


أو عظة إن نفس حر بلت أو أدركت بالجهد ما قد ألت

وقد يكون ألى بمعنى أبطأ. أنشدني أبو عمر، أنشدنا أبو العباس ثعلب، عن ابن الأعرابي:


جاءت به مرمدا ماملا     ما ني آل خم ثم ألى

يصف خبز ملة.

وقال أبو عمرو: سألني القاسم بن معن، عن بيت الربيع بن ضبع الفزاري:


وإن كنائني لنساء صدق     وما ألى بني ولا أساؤوا

فقلت: أبطؤوا. فقال: ما تدع شيئا.

[ ص: 519 ] وهذا كالحديث الآخر أنه سئل عمن صام الدهر فقال: "لا صام ولا أفطر".

وأخبرني الحسن بن عبد الرحيم، نا إسحاق بن إبراهيم، نا أبو داود المصاحفي قال: قال النضر بن شميل.

قوله: "لا صام ولا أفطر" دعاء عليه، ولو أراد الإخبار لقال: لم يصم ولم يفطر. وقال أبو سليمان وقد يجوز أن يكون معناه الإخبار كقوله تعالى: فلا صدق ولا صلى . قال أمية بن أبي الصلت:


إن تغفر اللهم تغفر جما     وأي عبد لك لا ألما

وقال آخر:


زنا على أبيه ثم قتله     فأي فعل سيئ لا فعله

وصيام الدهر  المنهي عنه أن يسرد الصوم فلا يفطر الأيام الخمسة المنهي عن صيامها. وهي: العيدان وأيام التشريق. فأما من أفطرها وصام ما عداها من أيام الدهر فليس بصيام الدهر المنهي عنه.

التالي السابق


الخدمات العلمية