الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
قال أبو سليمان في حديث النبي صلى الله عليه: أنه كان أفلج الأسنان أشنبها، وكان سهل الخدين صلتهما، فعم الأوصال،  وكان أكثر شيبه في فودي رأسه، وكان إذا رضي وسر فكأن وجهه المرآة، وكأن الجدر تلاحك وجهه، وكان فيه شيء من صور، يخطو تكفيا، ويمشي الهوينى، يبذ القوم إذا سارع إلى خير، أو مشى إليه، ويسوقهم إذا لم يسارع إلى شيء بمشية الهوينى.

حدثت به عن ابن أبي خيثمة، ثنا صبيح بن عبد الله الفرغاني، نا عبد العزيز بن عبد الصمد، نا جعفر بن محمد، عن أبيه، وهشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.

[ ص: 598 ] الفلج في الأسنان: تباعد ما بين الثنايا والرباعيات. والفرق تباعد ما بين الثنيتين، والنعت منهما أفلج وأفرق، والشنب: ماء ورقة يجرى على الثغر، والنعت أشنب، قال ذو الرمة:


لمياء في شفتيها حوة لعس وفي اللثات وفي أنيابها شنب

وقوله: صلت الخدين، فإن الصلت الأملس النقي. والفعم الممتلئ. والأوصال الأعضاء، واحدها وصل. قال ذو الرمة:


إذا ابن أبي موسى بلالا بلغته     فقام بفأس بين وصليك جازر

والفودان: ناحيتا الرأس، وكل شق منهما فود. قال الشاعر:


إما تري لمتي أودى الزمان بها     وشيب الدهر أصداغي وأفوادي

وقوله: كأن الجدر تلاحك وجهه، يريد أن شخص الجدر يرى في وجهه كما يرى في المرآة. والملاحكة: شدة الملاءمة. قال الشاعر:


لها فخذان يحفزان محاله     وصلبا كبنيان الصفا متلاحكا

والصور: الميل، والنعت أصور. قال الشاعر:


ومستنبح تهوي مساقط رأسه     إلى كل شخص فهو للسمع أصور



[ ص: 599 ] أي مائل متسمع: ويشبه أن تكون هذه الحال إنما تحدث له إذا جد في السير، لا أن تكون خلقة، وقد يوجد مثل هذا في عامة من يعالج أمرا شاقا، ولم يختلفوا في أنه عليه السلام كان معتدل القناة، غير أجنى ولا أصور. والهوينى: مشية فيها لين قال الله: وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا .

وقوله: كان يسوق أصحابه يريد أنه كان يقدمهم بين يديه ثم يكون من ورائهم كالسائق، وقد روي هذا في حديث حدثناه أحمد بن إبراهيم بن خزيمة، ثنا إسحاق بن إبراهيم، نا أحمد بن مصعب المروزي، نا وكيع، عن سفيان، عن الأسود بن قيس، عن نبيح العنزي، عن جابر بن عبد الله قال: كان أصحاب النبي إذا خرجوا مشوا أمامه وخلوا ظهره للملائكة.

التالي السابق


الخدمات العلمية