الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي صلى الله عليه أنه قال: "إنما كان أكثر دعائي ودعاء الأنبياء قبلي بعرفات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير".  

قوله: "أكثر دعائي" يريد أكثر ما أفتتح به دعائي، وذلك أن الداعي يفتتح دعاءه بالثناء على الله، ويقدمه أمام مسألته، فسمى الثناء دعاء إذ كان مقدمة له وذريعة إليه على مذهبهم في تسمية الشيء باسم سببه.

وحدثني أحمد بن المظفر، نا محمد بن صالح الكيلاني، نا الحسين بن الحسن المروزي قال: سألت سفيان بن عيينة، عن هذا فقلت له: هذا ثناء وليس بدعاء. فقال أما بلغك حديث منصور، عن مالك بن الحارث يقول الله تعالى: "إذا شغل عبدي ثناؤه علي عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين" فقلت:، حدثني عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، عن منصور، وحدثتني أنت، عن منصور، عن مالك بن [ ص: 710 ] الحارث. فقال: هذا تفسيره. ثم قال أما بلغك ما قال أمية بن أبي الصلت حين أتى ابن جدعان يطلب فضله ونائله فقال:


أأطلب حاجتي أم قد كفاني حياؤك إن شيمتك الحياء     إذا أثنى عليك المرء يوما
كفاه من تعرضه الثناء

ثم قال: يا حسين، هذا مخلوق يكتفي بالثناء عليه دون مسألته، فكيف بالخالق جل وعز.

التالي السابق


الخدمات العلمية