قال مذهب هذا الكلام وطريقه مذهب التواضع وترك الاعتداد بالولاية والتباعد من كبرياء السلطنة ولم يزل من شيم الإبرار ومذاهب الصالحين والأخيار أن يهتضموا أنفسهم وأن يسوغوا من حقوقهم . أبو سليمان
وقد كان له برسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حين يقول : يونس بن متى" "ليس لأحد أن يقول : أنا خير من وهو صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم أحمرهم وأسودهم .
وأخبرناه حدثنا ابن الأعرابي حدثنا أبو داود قال : سمعت أحمد بن عبدة يقول : بلغنا عن سفيان أنه ذكر قول الحسن أبي بكر هذا ثم قال : "بلى والله إنه لخيرهم ولكن المؤمن يهضم نفسه " . ومما يشبه ذلك من كلامه قوله حين خطب .
أخبرناه حدثنا محمد بن هاشم عن الدبري عن عبد الرزاق عن رجل عن معمر أن الحسن أبا بكر رضي الله عنه خطب فقال : إن رسول الله كان يعصم بالوحي وكان معه ملك وإن لي شيطانا يعتريني فإذا غضبت فاجتنبوني لا أوثر في أشعاركم وأبشاركم ألا فراعوني فإن استقمت فأعينوني وإن زغت فقوموني [ ص: 36 ] وقد يعيبه بهذا وبما يشبهه من كلامه قوم لا روية لهم وهو بحمد الله سليم من العيب إذا لم يكن أحد بعد رسول الله معصوما وكيف وهو يقول : ما منكم من أحد إلا زله شيطان قالوا ولك يا رسول الله قال : "ولي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم " .
وكان أبو بكر رضي الله عنه يوصف ببعض الحدة وذكره فقال : كان والله بريا تقيا من رجل كان يصادى منه غرب أي حدة . ابن عباس
قال وقوله يصادى معناه يمارس وأنشدني الأصمعي : قال أنشدنا أبو عمر عن أبو العباس أبي نصر عن الأصمعي لجابر بن مؤتلق يعاتب أخاه :
أبيت أكف نفسي عنك كفا وتغشيني أذاك على وسادي فلن تلقى أخا إن مت مثلي
يصادي الحرب عنك كما أصادي
ظللنا نصادي أمنا عن حميتها كأهل الشموس كلهم يتودد