الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث أبي بكر رضي الله عنه أنه لما قدم المدينة مع رسول الله مهاجرا أخذته الحمى وعامر بن فهيرة وبلالا قالت عائشة فدخلت عليهم وهم في بيت واحد فقلت كيف أصبحت فقال :


كل امرئ مصبح في أهله والموت أدنى من شراك نعله

فقلت : إنا لله إن أبي ليهذي ثم قلت لعامر كيف تجدك فقال :


لقد وجدت الموت قبل ذوقه     والمرء يأتي حتفه من فوقه
كل امرئ مجاهد بطوقه     كالثور يحمي أنفه بروقه

فقلت وهذا والله ما يدري ما يقول ثم قيل لبلال كيف أصبحت فقال :


ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة     بفخ وحولي إذخر وجليل
وهل أردن يوما مياه مجنة     وهل يبدون لي شامة وطفيل

قالت ثم دخلت على رسول الله فأخبرته فقال : "اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا اللهم انقل [ ص: 42 ] حماها إلى مهيعة " .  


حدثنيه الحسن بن عبد الرحيم حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا محمد بن يحيى القطعي حدثنا وهب بن جرير حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق حدثني عثمان عن عروة عن عائشة .

قال أبو سليمان قوله المرء يأتي حتفه من فوقه قال ابن الكلبي أول من قال ذلك عمرو بن مامة في شعر له وهو قوله :

إن الجبان حتفه من فوقه

يريد إن حذره وجبته غير دافع عنه المنية إذا حل به قدر الله عز وجل والطوق أقصى الطاقة .

وقوله كالثور يحمي أنفه بروقه معناه يذب عن نفسه بقرنه والروق القرن وقال الشاعر :


فظل يعجم أعلى الروق منقبضا     في حالك اللون صدق غير ذي أود

فأما قولهم أكل فلان روقه فمعناه طال عمره حتى تحات أسنانه وهو من الروق وهو طول الأسنان والنعت أروق وكنى بالأنف عن [ ص: 43 ] النفس كقولهم فلان حمي الأنف إذا كان منيعا لا يرام وقال مالك بن خريم :


متى تجمع القلب الذكي وصارما     وأنفا حميا تجتنبك المظالم

والجليل الثمام ومجنة موضع سوق بأسفل مكة على قدر بريد منها وشامة وطفيل جبلان مشرفان على مجنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية