الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث عثمان أنه أمر بذبح الكلاب والحمام . أخبرناه ابن الأعرابي أخبرنا الزعفراني أخبرنا عفان أخبرنا همام أخبرنا قتادة عن الحسن أنه سمع عثمان بن عفان يقول على المنبر اكفوني الكلاب والحمام .

أما قتل الكلاب  فقد تقدم من رسول الله الأمر بقتل السود منها وقال لولا أنها أمة من الأمم لأمرت بقتلها ولكن اقتلوا منها كل أسود بهيم .

يريد أنه لا يأمر بإفناء أمة بأسرها حتى لا يغادر لها أصلا ولا يبقي منها نسلا فإن في كل أمة من خلق الله حكمة وفي كل جيل من الحيوان منفعة ولكنه أمر بقتل السود منها إذا كانت تقل منفعتها وتكثر مضرتها . ويقال إن سود الكلاب شرارها وعقرها . وقال في الكلب الأسود : "إنه شيطان" .

[ ص: 142 ] وأما الحمام فإنه أمر بذبحها على النظر ووجه التأديب فيها والردع لأصحابها وللإمام يفعل مثل هذا الصنيع على النظر للرعية واختيار الأصلح لهم وقد بين يونس بن عبيد السبب في ذلك .

أخبرنا ابن الأعرابي أخبرنا عباس بن محمد الدوري أخبرنا أبو بكر بن أبي الأسود أنبأنا عبد الله بن عيسى قال قلت ليونس ما ذنب الحمام أن يذبحن حين أمر عثمان بقتلهن فقال إن أصحابها كانوا يؤذون الناس بالرمي فلذلك أمر بذبحهن وكانوا يتحارشون بالكلاب فأمر بقتلها حتى يخرجوا بها فتكون الكلاب خارجة من المدينة .

ونظير هذا روي عن عمر في ذبح الديكة وذلك أنه قد بلغه أن نفرا منهم قد تقامروا على ديكين ثم أمر بالإمساك عنه .

فأما نهي النبي عن ذبح الحيوان إلا لمأكلة فهذا غير داخل في معناه وإنما يقع ذلك على وجهين :

أحدهما أن يتلعب الرجل بالشيء منها ويولع بتعذيبه وذبحه ثم يرمي به لا يأكله .

والوجه الآخر أن يكون ذلك في الحيوان الذي لا يؤكل لحمه ولا ضرر على الناس في بقائه كالهدهد والصرد ونحو ذلك مما نهى عن قتله .

حدثنا إبراهيم بن فراس أخبرنا موسى بن هارون أخبرنا الحارث بن عبد الله الهمداني أنبأنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال : "نهى رسول الله عن قتل أربع من الدواب [ ص: 143 ] "النملة والنحلة والهدهد والصرد"  وليس في خبر عثمان أنه حال بين أصحاب الحمام وبين أكلها إنما أمر بذبحها ثم خلى بينهم وبينها .

وقال بعض السلف رحم الله عثمان لقد نقموا عليه أشياء لو فعلها أبو بكر وعمر لاتخذوها سنة [ ص: 144 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية