وقال في حديث أبو سليمان أبي عبيدة أنه خرج في سرية إلى أرض جهينة فأصابهم جوع فأكلوا الخبط وهو يومئذ ذو مشرة حتى أن شدق أحدهم بمنزلة مشفر البعير العضه وحتى قال قائلهم لو لقينا العدو ما كان منا حركة إليه فقال قيس بن سعد لرجل من جهينة بعني جزرا وأوفيك شقة من تمر المدينة فابتاع منه خمس جزائر فشرط عليه الأعرابي تمر ذخيرة مصلبة من تمر آل دليم. قال الجهيني أشهد لي وكان فيمن استشهد فقال لا أشهد هذا يدين ولا مال له إنما المال مال أبيه فقال الجهيني والله ما كان عمر سعد ليخني بابنه في شقة من تمر في قصة طويلة.
يرويه حدثني الواقدي داود بن قيس ومالك بن أنس وإبراهيم بن محمد الأنصاري وخارجة بن الحارث وبعضهم قد زاد في الحديث على بعض. الخبط ورق العضاه يضرب بالعصي ليتناثر فتعلفه الإبل والخبط الضرب بالمخبط وهو العصا.
وقوله ذو مشرة فإن المشرة شبه الخوصة تخرج في العضاه لها ورق وأغصان رخصة. يقال أمشر الشجر وأمشرت الأرض إذا طر نباتها. قال يروي عن بعض الصحابة أنه قال إذا أكلت اللحم وجدت في نفسي تمشيرا لم يكن أي قوة ونشاطا [ ص: 236 ] . ابن الأعرابي
والبعير العضه الذي قد أكل العضاه فقرحت مشافره وذلك أن لها شوكا يعقرها قال الشاعر:
مشافر قرحى أكلن البريرا
.والمصلبة من الصلابة وتمر المدينة صلب وهو أجود ما يكون.
وقول يدين ولا مال له معناه يأخذ الدين يقال دان الرجل وادان واستدان بمعنى واحد وهو أن يأخذ الدين وأدان يدين إذا أعطى غيره فالمعطي مدين والآخذ مدان. عمر
وقوله ما كان سعد ليخني بابنه أي لم يكن ليسلمه ويخفر ذمته وأصله من الخنى وهو الفحش يقال أخنى الرجل في كلامه إذا أفحش وأخنى عليه الدهر إذا أهلكه قال النابغة:
أخنى عليه الذي أخنى على لبد
.