الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث أبي عبيدة أنه كان أهتم الثنايا وكان قد انحاز على حلقة قد نشبت في جراحة النبي صلى الله عليه يوم أحد فأزم عليها فعضها فنزعها. ومن رواية أخرى أن زردتين من زرد التسبغة قد نشبتا في خده فعكر أبو عبيدة على إحداهما فنزعها فسقطت ثنيته ثم عكر على الأخرى فنزعها فسقطت ثنيته الأخرى [ ص: 237 ] .

حدثنيه الحسن بن عبد الرحيم نا إسحاق بن إبراهيم نا محمد بن المثنى نا موسى بن إسماعيل أنا ابن المبارك نا إسحاق بن يحيى عن عيسى بن طلحة عن عائشة قالت حدثني بذلك أبو بكر.

الأهتم الثنايا الذي انكسرت ثناياه من الأصل والأقصم الذي انكسرت أسنانه من عرضها  يقال رجل أقصم الثنية بين القصم وأهتم بين الهتم قال الفرزدق:


إن الأراقم لن ينال قديمها كلب عوى متهتم الأسنان

.

وأخبرني أبو محمد الكراني نا البيروذي نا المنقري نا الأصمعي قال قال أبو عمرو بن العلاء من تدلت ثنيتاه إلى أسفل فهو أروق وإذا كانتا خارجتين عن الفم قيل أشغى والمكسور الثنية يقال له: أقصم والسن على السن يقال له: الراغول والمقلوع الثنيتين يقال له: أهتم.

وقوله: انحاز عليها: أي أكب عليها والانحياز أن يجمع نفسه وينضم بعضه إلى بعض.

وقوله أزم عليها أي قبض عليها بأسنانه يقال: أزم يأزم وأزم يأزم إذا قبض على الشيء بفمه وبزم إذا كان ذلك بمقدم الفم يقال: أزم عليهم الدهر إذا عضهم كلبه والأزمة السنة قال الراجز:


أرأيت إن كان الكتاب قد جلد     وأزم الدهر علينا وجمد
ولم يكن لي سبد ولا لبد     أآخذي أنت بما لست أجد [ ص: 238 ]



يعني الكتاب الذي يكتبه المصدق في عدد الإبل والغنم وقال آخر:


حلفت له بطه والمثاني     لقد فنيت وقد بقي الكتاب
ألظ بها رمادي أزوم     له ظفر تخرمها وناب

يصف السنة أنها عضوض والرمادي منسوب إلى سنة صعبة كانت قد أتت عليهم وهي عام الرمادة.

وقوله عكر عليه أي عطف عليه واعتكر القوم إذا رجع بعضهم على بعض ومنه اعتكار الليل وهو اعتكار سواده والتباسه [ ص: 239 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية