الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث أبي هريرة ، " أنه ذكر هاجر فقال : تلك أمكم يا بني ماء السماء ، وكانت أمة لأم إسحاق سارة "   .

[ ص: 426 ] .

أخبرناه محمد بن هاشم ، نا الدبري ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة .

قوله : يا بني ماء السماء ، يريد العرب ، وهم أولاد إسماعيل ، وإنما نسبوا إلى ماء السماء ؛ لأنهم ينزلون البوادي والقفار وحيث لا ماء به من البقاع ، إنما يتتبعون مواقع قطر السماء ويعيشون بمائها فصاروا كأنهم أولاده وبنوه ، وأنشدنا أبو عمر في نحو من هذا ، أنشدنا ثعلب ، عن ابن الأعرابي يصف سحابة :


جاءت به مشرفة ذراها مثل العروس ناقصا خطاها     كأنما ينطف من كلاها
عناظب الجراد أو دباها     فاشمطت القيعان من رغاها
واتخذتنا كلنا طلاها

والطلا : الولد ، يقول : عشنا بمائها فكأنا صرنا أولادها .

قال أبو عمر : شبه كبار القطر بالعنظب ؛ وهو ذكر الجراد ، وشبه الصغار بالدبا ، وشبه سير السحابة بمشي العروس في تقارب خطاها . والرغا جمع رغوة ، وهو ما يعلو اللبن ، يقول : ابيضت القيعان بمائها كبياض الجفان باللبن .

وقال بعضهم : إنما قيل للعرب بنو ماء السماء ؛ لأنهم من ولد إسماعيل ، وقد فجر الله له زمزم وأعاشه بمائها ، وكان ذلك سقيا من الله ورحمة نزل بها جبريل من السماء فأضيف الماء إليها .

التالي السابق


الخدمات العلمية