وقال في حديث أبو سليمان أبي هريرة : استعمله على عمر بن الخطاب البحرين ، فلما قدم عليه وقال له : يا عدو الله وعدو رسوله ، سرقت من مال الله ، فقال : لست بعدو الله ولا عدو رسوله ، ولكني عدو من عاداهما ، ولكنها سهام اجتمعت ، ونتاج خيل ، فأخذ منه عشرة آلاف درهم فألقاها في بيت المال ، ثم دعاه إلى العمل فأبى ، فقال عمر : فإن يوسف قد سأل العمل ، قال له إن يوسف مني بريء ، وأنا منه براء ، وأخاف ثلاثا واثنتين ، قال : أفلا تقول خمسا ؟ قال : أخاف أن أقول بغير حكم ، وأقضي بغير علم ، وأخاف أن يضرب ظهري وأن يشتم عرضي ، وأن يؤخذ مالي أبو هريرة : . " أن
حدثنيه محمد بن علي ، نا ثنا أبو عروبة ، محمد بن سعيد الأنصاري ، نا مسكين ، ثنا عن مهدي بن ميمون ، عن هشام بن حسان ، ابن سيرين .
قوله : إن يوسف مني بريء ، وأنا منه براء ، لم يرد به براءة الولاية [ ص: 433 ] وكيف يتبرأ من نبي من الأنبياء هو مأمور بموالاته ، مفروض عليه الإيمان به والتصديق بنبوته ، وإنما أراد به البراءة عن مساواته في الحكم والمقايسة به في القوة على العمل .
ويقال : إنه منه بريء وبراء ، ويقال أيضا : قوم براء ، وقد قرئ : (إنا براء منكم) قال [يقال : ] نحن منكم براء وبرآء وبراء . أبو زيد :
قوله : أخاف ثلاثا واثنتين ، فإن تفصيل ذلك ما ذكره من الخلال الخمس التي عددها ، وهو قوله : أخاف أن أقول بغير حكم ، وأقضي بغير علم ، وأخاف أن يضرب ظهري ، وأن يشتم عرضي ، وأن يؤخذ مالي يعرض بالشكاية فيما ناله من عقوبة ويشبه أن يكون إنما جعلها في العدد قسمين ، ولم يقل : أخاف خمسا ، كما قال له عمر ؛ لأن الخلتين الأوليين من الحق عليه ، خاف أن يضيعه ، والخلال الثلاث من الحق له خاف أن يظلمه فجعله قسمين ليكون أبين للقول ، وأبلغ في العذر . عمر ،