الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث أبي هريرة : " أن عمر بن الخطاب استعمله على البحرين ، فلما قدم عليه وقال له : يا عدو الله وعدو رسوله ، سرقت من مال الله ، فقال : لست بعدو الله ولا عدو رسوله ، ولكني عدو من عاداهما ، ولكنها سهام اجتمعت ، ونتاج خيل ، فأخذ منه عشرة آلاف درهم فألقاها في بيت المال ، ثم دعاه إلى العمل فأبى ، فقال عمر : فإن يوسف قد سأل العمل ، قال له أبو هريرة : إن يوسف مني بريء ، وأنا منه براء ، وأخاف ثلاثا واثنتين ، قال : أفلا تقول خمسا ؟ قال : أخاف أن أقول بغير حكم ، وأقضي بغير علم ، وأخاف أن يضرب ظهري وأن يشتم عرضي ، وأن يؤخذ مالي   .

حدثنيه محمد بن علي ، نا أبو عروبة ، ثنا محمد بن سعيد الأنصاري ، نا مسكين ، ثنا مهدي بن ميمون ، عن هشام بن حسان ، عن ابن سيرين .

قوله : إن يوسف مني بريء ، وأنا منه براء ، لم يرد به براءة الولاية [ ص: 433 ] وكيف يتبرأ من نبي من الأنبياء هو مأمور بموالاته ، مفروض عليه الإيمان به والتصديق بنبوته ، وإنما أراد به البراءة عن مساواته في الحكم والمقايسة به في القوة على العمل .

ويقال : إنه منه بريء وبراء ، ويقال أيضا : قوم براء ، وقد قرئ : (إنا براء منكم) قال أبو زيد : [يقال : ] نحن منكم براء وبرآء وبراء .

قوله : أخاف ثلاثا واثنتين ، فإن تفصيل ذلك ما ذكره من الخلال الخمس التي عددها ، وهو قوله : أخاف أن أقول بغير حكم ، وأقضي بغير علم ، وأخاف أن يضرب ظهري ، وأن يشتم عرضي ، وأن يؤخذ مالي يعرض بالشكاية فيما ناله من عقوبة عمر ، ويشبه أن يكون إنما جعلها في العدد قسمين ، ولم يقل : أخاف خمسا ، كما قال له عمر ؛ لأن الخلتين الأوليين من الحق عليه ، خاف أن يضيعه ، والخلال الثلاث من الحق له خاف أن يظلمه فجعله قسمين ليكون أبين للقول ، وأبلغ في العذر .

التالي السابق


الخدمات العلمية