"أنه نهى عن قتل شيء من الدواب صبرا".
قال: حدثناه هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 321 ] .
قال: وحدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
قال أبو زيد، وأبو عمرو، وغيرهما: قوله: صبرا: هو الطائر، أو غيره من ذوات الروح، يصبر حيا، ثم يرمى، حتى يقتل.
قال أبو عبيد: وأصل الصبر: الحبس، وكل من حبس شيئا، فقد صبره
ومنه حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في رجل أمسك رجلا وقتله آخر، قال: "اقتلوا القاتل، واصبروا الصابر".
قال: سمعت عبد الله بن المبارك، يحدثه عن معمر، عن إسماعيل بن أمية، يرفعه قوله: اصبروا الصابر، يعني احبسوا الذي حبسه للموت حتى يموت.
ومنه قيل للرجل يقدم، فتضرب عنقه: قتل صبرا: يعني أنه أمسك على الموت، وكذلك لو حبس رجل نفسه عن شيء يريده، قال: صبرت نفسي، قال "عنترة" يذكر حربا كان فيها:
فصبرت عارفة لذلك حرة ترسو إذا نفس الجبان تطلع
يعني أنه حبس نفسه [ ص: 322 ] .قال أبو عبيد: ومن هذا قولهم: يمين الصبر، وهو أن يحبس السلطان الرجل على اليمين حتى يحلف بها.
ولو حلف إنسان من غير إحلاف ما قيل [له] حلف صبرا.
وأما المجثمة التي نهي عنها، فإنها المصبورة أيضا، ولكنها لا تكون إلا في الطير والأرانب، وأشباه ذلك مما يجثم؛ لأن الطير يجثم بالأرض وغيرها: إذا لزمته ولبدت عليه، فإن حبسها إنسان، قيل: قد جثمت، أي فعل ذاك بها، وهي مجثمة.
فإذا فعلته هي من غير فعل أحد، قيل [قد] جثمت تجثم جثوما، وهي جاثمة [ ص: 323 ] .


