الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1070 - وقال " أبو عبيد " في حديث " الحسن": " ما من أحد عمل لله [عز وجل] عملا إلا سار في قلبه سورتان، فإذا كانت الأولى منهما لله فلا تهيدنه الآخرة".

قال: سمعت " ابن عدي" يحدثه، عن " عوف" ، عن " الحسن" [ ص: 502 ] .

قوله: لا تهيدنه،  يقول: لا تصرفنه عن ذاك، ولا تزيلنه.

يقال منه: هدت الرجل أهيده هيدا وهادا: إذا زجرته عن الشيء، وصرفته عنه، وأنشدني " الأحمر":


حتى استقامت له الآفاق طائعة فما يقال له هيد ولا هاد

قوله: هيد ولا هاد: خفض في موضع الرفع، وهذا على الحكاية، كقولك: مه، وصه، وغاق، ونحوه، وقد يروى بالرفع، وهو جائز، ومعناه أنه لا يمنع من شيء.

ونرى أن حديث " النبي " - صلى الله عليه وسلم - من هذا حين قيل له في المسجد: يا رسول الله هذه. فقال: " بل عرش كعرش موسى" [ ص: 503 ] .

كان " سفيان بن عيينة" - فيما بلغني عنه - يقول: معنى هده: أصلحه. ومعنى هذا الحديث كما قال " سفيان" ، ولكنه إصلاح بعد هدم الأول، فإنما هذه: أزل هذا عن موضعه، وابن غيره.

والذي أراد " الحسن" بقوله: فلا تهيدنه الآخرة، يقول: إذا صحت نيته في أول ما يريد الأمر من البر، فعرض له الشيطان، فقال: إنك تريد بهذا الرياء، فلا يمنعه ذلك من الأمر الذي قد تقدمت فيه نيته، وهذا شبيه بالحديث الآخر: " إذا أتاك الشيطان، وأنت تصلي، فقال: إنك ترائي، فزدها طولا".  

التالي السابق


الخدمات العلمية