الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
272 - وقال "أبو عبيد " في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: "ما تعدون الرقوب فيكم؟

قالوا: الذي لا يبقى له ولد.

فقال: بل الرقوب: الذي لم يقدم من ولده شيئا
 
" [ ص: 509 ] قال ["أبو عبيد "] : وكذلك معناه في كلامهم، إنما هو على فقد الأولاد

قال الشاعر:


فلم ير خلق قبلنا مثل أمنا ولا كأبينا عاش وهو رقوب

وقال: "صخر الغي ":


فما إن وجد مقلات رقوب     بواجدها إذا يغزو تضيف

قال "أبو عبيد ": فكأن مذهبه عندهم على مصائب الدنيا، فجعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فقدهم في الآخرة [ ص: 510 ] .

وليس هذا بخلاف ذاك في المعنى، ولكنه تحويل الموضع إلى غيره.

وهذا نحو الحديث الآخر:

"إن المحروب من حرب دينه ".

ليس هذا ألا يكون من سلب ماله ليس بمحروب إنما هو على تغليظ الشأن.

يقول: إنما الحرب الأعظم أن يكون في الدين، وإن كان ذهاب المال قد يكون حربا، ومنه قول أبي دؤاد [الإيادي] :


لا أعد الإقتار عدما ولكن     فقد من قد رزئته الإعدام

لم يرد أن اجتياج المال ليس بعدم، ولكنه أراد أن هذا الفقر الآخر أجل منه [ ص: 511 ] .

ومما يقوي مذهب قوله في الرقوب، قول الله - جل ثناؤه - :

لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها

ألا ترى أنهم قد يعقلون أمر الدنيا، ويبصرون فيها، ويسمعون؟ إلا أن معناها في التفسير أمر الآخرة.

التالي السابق


الخدمات العلمية