الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
435 - وقال "أبو عبيد" في حديث "النبي" - صلى الله عليه وسلم - :

"أنه نهى عن عسب الفحل"   [ ص: 196 ] .

قال "الأموي": العسب: الكراء الذي يؤخذ على ضراب الفحل.

يقال منه: عسبت الرجل أعسبه عسبا: إذا أعطيته الكراء على ذلك.

وقال غيره: العسب هو الضراب نفسه لقول الشاعر، وذكر قوما أسروا له عبدا فرماهم به:


فلولا عسبه لتركتموه وشر منيحة عسب معار [ ص: 197 ]

قال "أبو عبيد": والوجه عندي ما قال "الأموي" أنه الكراء.

ولو كان المعنى على الضراب نفسه، لدخل النهي على كل من أنزى فحلا، وفي هذا انقطاع النسل.

وأما قول الشاعر، فقد يجوز; لأن العرب قد تسمي الشيء باسم غيره إذا كان معه أو من سببه كما قالوا للمزادة راوية، وإنما الراوية البعير الذي يستقى عليه، فسميت المزادة راوية; لأنها تكون عليه.

وكذلك الغائط من الإنسان. كان "الكسائي" يقول: إنما سمي غائطا; لأن أحدهم كان إذا أراد قضاء الحاجة، قال: حتى آتي الغائط، فأقضي حاجتي، وإنما أصل الغائط المطمئن من الأرض.

قال: فكثر ذلك في كلامهم حتى سمي غائط الإنسان بذلك.

وكذلك العذرة إنما هي فناء الدار، فسميت به; لأنه كان يلقى بأفنية الدور [ ص: 198 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية