الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
469 - وقال "أبو عبيد" في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث ذكر فيه نعت أهل الجنة،  فقال:

"ويرفع أهل الغرف إلى غرفهم في درة بيضاء ليس فيها قصم ولا فصم" [ ص: 295 ] .

قال: حدثنيه "أبو اليقظان" عن "ليث بن أبي سليم" عن "فلان" عن "أنس بن مالك" رفعه.

قوله: القصم - بالقاف - هو أن ينكسر الشيء، فيبين.

يقال منه: قصمت الشيء أقصمه قصما: إذا كسرته حتى يبين.

ومنه الحديث الآخر:

"استغنوا عن الناس ولو عن قصمة السواك".  

يعني ما انكسر منه إذا استيك به ..

وأما الفصم - بالفاء - فهو أن ينصدع الشيء من غير أن يبين. يقال منه: فصمت الشيء أفصمه فصما: إذا فعلت [ذلك] [ ص: 296 ] به، فهو مفصوم، قال "ذو الرمة" يذكر غزالا شبهه بدملج فضة:


كأنه دملج من فضة نبه في ملعب من جواري الحي مفصوم

وإنما جعله مفصوما لتثنيه، وانحنائه، إذا نام ولم يقل: مقصوم، فيكون بائنا باثنين، قال: الله - تبارك وتعالى - : لا انفصام لها

وأما الوصم - بالواو - وليس هو في هذا الحديث، فإنه العيب يكون بالإنسان، وفي كل شيء منه.

يقال [منه] : ما في فلان وصمة إلا كذا وكذا يعني العيب.

وأما التوصيم، فإنه الفترة والكسل يكون في الجسد. ومنه الحديث: "إن الرجل إذا قام، يصلي من الليل أصبح طيب النفس، وإن نام حتى [ ص: 297 ] يصبح أصبح ثقيلا موصما" وقال "لبيد":


وإذا رمت رحيلا فارتحل     واعص ما يأمر توصيم الكسل

التالي السابق


الخدمات العلمية