الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
532 - وقال أبو عبيد في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في [ابن ] الملاعنة قال : "إن جاءت به أصيهب أثيبج حمش الساقين فهو لزوجها وإن جاءت به أورق جعدا جماليا خدلج سابغ الأليتين ، فهو للذي رميت به "   [ ص: 49 ] .

حدثنا أبو عبيد قال : سمعت يزيد بن هارون يحدثه عن عباد بن منصور ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

[قال أبو عبيد ] : أما قوله : أصيهب فهو تصغير أصهب ، والأثيبج تصغير أثبج ، وهو الناتئ الثبج ، والثبج ما بين الكاهل ووسط الظهر ، وهو من كل شيء وسطه وأعلاه .

والحمش : الدقيق الساقين .  

والأورق : الذي لونه [ما ] بين السواد والغبرة ، ومنه قيل للرماد : أورق وللحمامة ورقاء ، وإنما وصفه بالأدمة .

وأما الخدلج فالعظيم الساقين .  

وأما قوله : الجمالي ، فإنهم يروونها هكذا بفتح الجيم ، يذهبون بها [ ص: 50 ] إلى الجمال ، وليس هذا من الجمال في شيء ، ولو أراد ذاك لقال جميل ولكنه جمالي بضم الجيم ، يعني أنه عظيم الخلق ، شبه خلقه بخلق الجمل ، ولهذا قيل للناقة : جمالية ؛ لأنها تشبه بالفحل من الإبل في عظم الخلق ، قال "الأعشى " يصف ناقة :


جمالية تغتلي بالرداف إذا كذب الآثمات الهجيرا

وفي هذا الحديث من الفقه أنه لاعن بين المرأة وزوجها وهي حامل ،  وقد كان بعض الفقهاء لا يرى اللعان بالحمل حتى تضع ، فإن انتفى منه حينئذ لاعن ، يذهب إلا أنه لا يدري لعل ذلك ليس بحمل ، يقول : لعله من ريح ، وهذا رأي أبي حنيفة .

وأما حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنما لاعن بينهما ؛ لأنه قذفها قذفا بالزنا ، ولم يذكر حملا ، فلهذا أوقع اللعان .

التالي السابق


الخدمات العلمية