الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
604 - وقال أبو عبيد في حديث عمر [ - رضي الله عنه - ] أنه جدب السمر بعد عتمة " .

قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم ، وأبي وائل ، عن حذيفة ، عن عمر .

قوله : جدب السمر : يعني عابه وذمه ،  وكل عائب فهو جادب ، قال ذو الرمة :


فيا لك من خد أسيل ومنطق رخيم ومن خلق تعلل جادبه

ويروى "ومن وجه تعلل جادبه " .

يقول : لم يجد فيه مقالا ، فهو يتعلل بالشيء يقوله ، وليس بعيب .

وهذا من عمر في كراهة السمر مثل حديثه الآخر ، "أنه كان ينش الناس بعد [ ص: 207 ] العشاء بالدرة ، ويقول : انصرفوا إلى بيوتكم " .

[حدثنا أبو عبيد ] قال : حدثنيه حجاج ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن أبي رافع عن عمر .

هكذا حدث به "ينش " .

[قال أبو عبيد ] : ونرى أن هذا ليس بمحفوظ ، وقال بعض أهل العلم : إنما هو ينس - بالسين - يقول : يسوق الناس ، والنس : هو السوق ، ومنه قول "الحطيئة " :


وقد نظرتكم إيناء صادرة     للورد طال بها حوزي وتنساسي

فالحوز : السير اللين . والتنساس : السير الشديد .

يقول : مرة أسوقها كذا ، ومرة كذا .

قال : أبو عبيد : فإن كان هذا الحرف هكذا "ينش " فهذا تصحيف بين [ ص: 208 ] على المحدث ، ولكني أحسبه ينوش الناس ، وهذا قد يقرب في اللفظ من "ينش" ، ومعنى النوش صحيح ها هنا ، إنما هو التناول يقول : يتناولهم بالدرة .

وقال الله - تبارك وتعالى - : وأنى لهم التناوش من مكان بعيد إذا لم يهمز ، فهو من التناول .

ومنه قيل : تناوش القوم في القتال ، وكل من أنلته خيرا أو شرا فقد نشته نوشا .

ومنه حديث علي - رحمه الله - حين سئل عن الوصية ، فقال : "نوش بالمعروف " .

يعني أن يتناول الميت الموصى له بالشيء المعروف ، ولا يجحف بماله .

التالي السابق


الخدمات العلمية