الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
675 - وقال " أبو عبيد " في حديث " عثمان " - رحمه الله - : "أنه بينما هو يخطب ذات يوم ، فقام رجل ، فنال منه ، فوذاه "ابن سلام " فاتذا ، فقال له رجل : لا يمنعنك مكان "ابن سلام " أن تسب نعثلا ، فإنه من شيعته " .

قال "ابن سلام " : فقلت له : لقد قلت القول العظيم يوم القيامة في الخليفة من بعد "نوح " [ ص: 317 ] .

قال : حدثنيه "يزيد " عن "مهدي بن ميمون " عن "محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب " عن "بشر بن شغاف " عن " عبد الله بن سلام " .

قال "الأموي " و"ابن الكلبي " وغيرهما ، ذكر كل واحد منهم بعض هذا الكلام .

قوله : "فوذاه فاتذأ " ، يقال : وذأت الرجل : إذا زجرته ، وقمعته ، وقوله : "اتذأ " يعني : انزجر .

وقوله : "أن تسب نعثلا" قال "ابن الكلبي " : إنما قيل له : نعثل ؛ لأنه كان يشبه برجل من أهل مصر اسمه "نعثل" وكان طويل اللحية ، فكان " عثمان " إذا نيل منه وعيب ، شبه بذلك الرجل ؛ لطول لحيته ، ولم يكونوا يجدون عيبا غير هذا .

وقال بعضهم : إن "نعثلا" من أهل "أصبهان " ويقال في "نعثل " : إنه الذكر من الضباع .

وأما قول : "ابن سلام " : "الخليفة من بعد نوح " : فإن الناس اختلفوا في معناه .

وأما أنا فإنه عندي أنه أراد بقوله "نوحا " : "عمر بن الخطاب " ، وذلك لحديث "النبي" - صلى الله عليه وسلم - حين استشار "أبا بكر " [ ص: 318 ] و"عمر " [رضي الله عنهما ] في أسارى "بدر "  فأشار عليه "أبو بكر " بالمن عليهم ، وأشار عليه "عمر " بقتلهم ، فقال "النبي" [صلى الله عليه وسلم ] وأقبل على "أبي بكر " : " إن إبراهيم كان ألين في الله من الدهن باللبن" ثم أقبل على "عمر " ، فقال : "إن "نوحا " كان أشد في الله من الحجر " .

قال " أبو عبيد " : فشبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أبا بكر " "بإبراهيم " و"عيسى " حين قال : إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم

وشبه "عمر " "بنوح " حين قال : لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا

فأراد "ابن سلام " أن " عثمان " خليفة "عمر " .

وقوله : "يوم القيامة " ، أراد : يوم الجمعة ، وذلك أن الخطبة كانت يوم جمعة .

ويبين ذلك حديث آخر ، يروى عن "كعب " : "أنه رأى رجلا يظلم رجلا يوم جمعة ، فقال : "ويحك أتظلم رجلا يوم القيامة ؟ " [ ص: 319 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية