704 - وقال " " في حديث أبو عبيد "علي " [رحمة الله عليه ] : في الرجل الذي سافر مع أصحاب له ، فلم يرجع حين رجعوا ، فاتهم أهله أصحابه به ، فرفعوهم إلى "شريح " فسألهم البينة على قتله ، فارتفعوا إلى "علي " فأخبروه بقول "شريح " .
فقال "علي " :
أوردها سعد وسعد مشتمل
يا سعد لا تروي بها ذاك الإبل [ ص: 369 ] ثم قال : "إن أهون السقي التشريع " .
قال : ثم فرق بينهم ، وسألهم ، فاختلفوا ، ثم أقروا بقتله ، فأحسبه ، قال : فقتلهم به .
قال : حدثنيه رجل لا أحفظ اسمه ، عن عن "هشام بن حسان " عن "ابن سيرين " "علي " .
قوله : إن أصله كان أن رجلا أورد إبله ماء لا تصل إلى شربه إلا باستقاء ، ثم اشتمل ، ونام ، وتركها لم يستق لها ، يقول : فهذا الفعل لا تروى به الإبل حتى يستقي لها . "أوردها سعد وسعد مشتمل " : هذا مثل ، يقال :
وقوله : يقول : إن أيسر ما ينبغي أن يفعل بها أن يمكنها من الشريعة والحوض ، ويعرض عليها الماء دون أن يستقي لها ؛ لتشرب ، فأراد "إن أهون السقي التشريع " : هو مثل أيضا ، "علي " بهذين المثلين أن أهون ما كان ينبغي [ ص: 370 ] لشريح أن يفعل : أن يستقصي في المسألة ، والنظر ، والكشف عن خبر الرجل ، حتى يعذر في طلبه ، ولا يقتصر على طلب البينة فقط ، كما اقتصر الذي أورد إبله ماء ثم نام .
وفي هذا الحديث من الحكم : أن " عليا " امتحن في حد ، ولا يمتحن في الحدود وإنما ذلك ؛ لأن هذا من حقوق الناس ، وكل حق من حقوقهم ، فإنه يمتحن فيه ، كما يمتحن في جميع الدعوى ، وأما الحدود التي لا امتحان فيها ، فحدود الناس فيما بينهم وبين الله [تعالى ] مثل : الزنا ، وشرب الخمر ، وأما القتل ، و [كل ] ما كان من حقوق الناس ، فإنه وإن كان حدا يسأل عنه الإمام ، ويستقصي ؛ لأنه من مظالم الناس وحقوقهم التي يدعيها بعضهم على بعض ، وكذلك كل جراحة دون النفس ، فهي مثل النفس ، وكذلك القذف ، هذا كله يمتحن فيه إذا ادعاها مدع .
وفي المثلين تفسير آخر : [قال " " ] : يقال : إن قوله : الأصمعي
أوردها سعد وسعد مشتمل
يقول : إنه جاء بإبله إلى شريعة لا يحتاج فيها إلى استقاء الماء ، فجعلت تشرب ، وهو مشتمل بكسائه .
وكذلك قوله : "إن أهون السقي التشريع " : يعني أن يوردها شريعة الماء ، فلا يحتاج إلى الاستقاء لها ، [قال وهو أعجب القولين إلي ] [ ص: 371 ] "أبو عبيد " :