الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                              صفحة جزء
                              الحديث الثالث والعشرون:

                              باب: جذم .

                              حدثنا ابن عائشة، حدثنا صفوان بن عيسى، عن عبد الله بن عبد الله بن سعيد، عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، عن فاطمة بنت حسين، عن ابن عباس، قال رسول الله صلى الله عليه: "لا تديموا النظر إلى المجذمين"   .

                              حدثنا مسدد، حدثنا هشيم، عن يعلى بن عطاء، عن رجل من آل الشريد، عن أبيه، كان في وفد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل إليه النبي صلى الله عليه: "ارجع فقد بايعناك" .

                              حدثنا مسدد، حدثنا خالد، عن يزيد بن أبي زياد، عن عيسى بن فائد، عن رجل، عن سعد بن عبادة، سمعت النبي صلى الله عليه يقول: "من قرأ القرآن ثم نسيه لقي الله أجذم"   .

                              [ ص: 429 ] حدثنا ابن عائشة، حدثنا عبد الواحد، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه: "كل خطبة ليس فيها شهادة فهي كاليد الجذماء"   .

                              حدثنا أبو بكر، حدثنا أبو أسامة، حدثنا عمر بن حمزة، حدثني سالم، عن ابن عمر، أن حاطبا، قال: يا رسول الله، لم يكن رجل من قريش إلا له جذم وأهل يمنعون أهله، فكتبت كتابا رجوت أن يمنع الله بذلك أهلي .

                              حدثنا محمد بن الجنيد، حدثنا العلاء العطار، حدثنا محمد بن جابر، عن حفص بن مبارك، عن رجل، من بني سدوس، يقال له: جزء أو رجز السدوسي [ ص: 430 ] : أتينا النبي صلى الله عليه بتمر من تمر اليمامة، فقال: "ما هذا؟" قلت: الجذامي، قال: "اللهم بارك في الجذامي" قوله: "لا تديموا النظر إلى المجذمين"  وكان في ثقيف رجل مجذوم، والجذام: داء يعترض في الرأس يتشوه منه الوجه، فإدامة النظر إليهم. . . ما ليستكينوا لذلك، ويروا فضل غيرهم عليهم، فيقل شكرهم، فيقول: يكفيكم قليل النظر عن الإدامة، والحمد على العافية وله وجه آخر: يخاف أن يتصل بالناظر من المجذوم من دائه ما يؤذيه كما يتصل بالعين الذي أصابته العين من العائن فقد زعم الأصمعي عن أعرابي كان شديد العين قال: إذا رأيت شيئا يعجبني انفصل من عيني حرارة شديدة، فكأن تلك الحرارة اتصلت بالمعين، فعملت فيه وقوله: "ارجع فقد بايعناك" أظنه خاف أن يديم النظر إليه [ ص: 431 ] لما غير الجذام من خلقه فيكتئب المنظور إليه، ويقل شكره إذ ابتلاه الله وعافى غيره قوله: "من قرأ القرآن ثم نسيه"  يقول: ترك العمل به، كما قال: نسوا الله فنسيهم أي تركوا العمل بطاعته فنسيهم من رحمته: تركهم "لقي الله أجذم" مقطوع اليد عن التناول من خير الآخرة شيئا وأنشدنا ابن الأعرابي:


                              وما كنت إلا مثل قاطع كفه بكف له أخرى فأصبح أجذما



                              وقال آخر:


                              وكنت كذي رجلين أصبح راضيا     بواحدة جذماء من قصب عشر



                              قوله "إلا له جذم" هو الأصل وأنشدنا عمرو بن أبي عمرو لتميم بن أبي يرثي عثمان بن عفان:


                              ليبك بنو عثمان ما دام جذمهم     عليه بأصلال تعرى وتخشب
                              ليبكوا على خير البرية كلها     تخونه ريب من الدهر معطب



                              [ ص: 432 ]

                              ويا عجبا للدهر كيف أصابه؟     ومن مثل ما لاقى ابن عفان يعجب



                              الأصلال: السيوف، والأصلال: الدواهي، الواحدة: صل، وتخشب: تصقل وتلين والجذم: سرعة القطع، والإجذام: السرعة في السير، والإجذام: الإقلاع عن الشيء والجذامي: نخلة باليمامة لا أعرف كيف هي، ولهم تمر يقال له: يبذخ، ولهم الخضراء أفضل نخلهم، هي خضراء إمامة نبت ثاج صغيرة التمر وخضراء: عليبة فاخرة جيدة والعتود والعذراء: حسنة الطول تزيد في كل عام قامة، شديدة الجذع [ ص: 433 ] والفيحاء: نخلة كثيرة الحمل، ونخلات نباته حمراء، رقيقة القشر وجذام: قبيلة من بني أسد حالفوا اليمن فهم الذين بكاهم الكميت، وزعموا أن شعيبا منهم .

                              حدثنا الحسن بن عبد العزيز، حدثنا أيوب بن سويد، حدثنا أبو الهيثم، رجل من جذام أنه شعيب بن عامر بن حبيش بن عامر بن وائل بن زيد بن أفصى بن حرام بن عمرو، وهو جذام، وتبع شعيبا طائفة من جذام، وآمنوا به، فقال جنحبار وهو سيدهم يومئذ: إن خير الناس من بان قوله، ولم يخالف فعله قوله، فمن انجذم منكم فسموه جذاما، وادحروهم وهم رغامى، فإن جذاما شر الأسماء، وداؤه أخبث الأدواء، ثم قال:


                              صرمتم جذاما لستم لأبيكم     صرمتم وصالا في شعيب الأقارب
                              أترضون من دين الأكارم والعلا     بدين شعيب بعد دين الأجانب



                              فأجابه غانم المسلم لشعيب:


                              ألا يالقوم للضلال المغالب     وبيعة قوم في علاء الأثايب
                              يريدون منا أن نراجع دينهم     ودون التي يرجون بتك الرواجب

                              .

                              [ ص: 434 ]

                              فلسنا نبالي حين لله أمرنا     جذاما دعينا أم لعمرو الأطايب

                              .

                              حدثنا الفضل، عن سلمة، عن ابن إسحاق، قال: " ولد مديان بن إبراهيم أهل مدين قوم شعيب بن ميكيل هو وقومه من ولده، بعثه الله إليهم .

                              [ ص: 435 ]

                              التالي السابق


                              الخدمات العلمية