الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
609 - أخبرنيه أبو عبد الرحمن السلمي ، إجازة أن أبا الحسن بن صبيح أخبرهم قال: نا عبد الله بن محمد بن شيرويه ، قال: قال إسحاق: " معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم على ما فسره أبو هريرة حين قرأ: فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله يقول تلك الخلقة التي خلقهم لها إما جنة وإما نار حيث أخرج من صلب آدم كل ذرية هو خالقها إلى يوم القيامة فقال: هؤلاء للجنة وهؤلاء للنار فيقول: كل مولود يولد على تلك الفطرة ،  ألا ترى أن غلام الخضر الذي قتله  الخضر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طبعه الله يوم طبعه كافرا وهو بين أبوين مؤمنين فعلم الله الخضر خلقته التي خلقه لها ولم يعلم موسى ذلك فأراه الله تلك الآية ليرفعه الله بها ويزداد علما إلى علمه ، وقوله: أبواه يهودانه أو ينصرانه يقول: بالأبوين بين لكم ما تحتاجون إليه في أحكامكم من المواريث وغيرها ، يقول: إذا كان الأبوان مؤمنين فاحكموا لولدهما بحكم الأبوين في الصلاة والأحكام والمواريث ، وإن كانا كافرين فاحكموا لولدهما حكم الكفر أي في المواريث والصلاة وخلقته التي خلقته لها لا علم لكم بذلك. ألا ترى أن ابن عباس حين كتب إليه نجدة الحروري في قتل صبيان المشركين فكتب إليه: إن علمت من صبيانهم ما علم الخضر من الصبي الذي قتله فاقتلهم. أي [ ص: 348 ] أن أحدا لا يعلم علم الخضر في ذلك ، لما خصه الله به كما خصه بأمر السفينة والجدار ، وكان منكرا في الظاهر فعلمه الله علم الباطن ، فحكم بإرادة الله في ذلك " قال أبو عبيد في الإسناد الذي مضى: وأما عبد الله بن المبارك فإنه بلغني أنه سئل عن تأويل هذا الحديث فقال: تأويله الحديث الآخر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أطفال المشركين  فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين. قال أبو عبيد: يذهب إلى أنهم إنما يولدون على ما يصيرون إليه من إسلام أو كفر ، فمن كان في علم الله أن يصير مسلما فإنه يولد على الفطرة ، ومن كان علمه فيه أن يموت كافرا ولد على ذلك. قال الشيخ: وهذا هو معنى قول الأوزاعي وإلى مثله أشار مالك بن أنس فيما رويناه عنهما أولا .

التالي السابق


الخدمات العلمية