ذكر أقوال الأئمة الأربعة ، وطبقاتهم ، ومشايخهم ، رحمهم الله تعالى .  
قال   مالك بن أنس  الإمام رحمه الله تعالى :  الناس ينظرون إلى ربهم - عز وجل - يوم القيامة بأعينهم     . وسئل - رحمه الله - عن قوله عز وجل : (  وجوه يومئذ ناضرة   إلى ربها ناظرة      ) ، ( القيامة : 23 ) ، أتنظر إلى الله عز وجل ؟ قال : نعم ، قال  أشهب     : فقلت إن أقواما يقولون تنظر ما عنده . قال : بل تنظر إليه نظرا ، وقد قال  موسى      : (  رب أرني أنظر إليك قال لن تراني      ) ، ( الأعراف : 143 ) ، وقال تعالى : (  كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون      )     . وذكر   الطبراني  وغيره أنه قيل لمالك : إنهم يزعمون أن الله لا يرى ، فقال مالك : السيف السيف . وقال   أبو صالح كاتب الليث     :  أملى علي   عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون  ، وسألته عما جحدت  الجهمية   ، فقال : لم يزل يملي لهم الشيطان حتى جحدوا قوله تعالى : (  وجوه يومئذ ناضرة   إلى ربها ناظرة      ) ، فقالوا : لا يراه أحد يوم القيامة فجحدوا ، والله أفضل كرامة الله التي أكرم بها أولياءه يوم القيامة من النظر إلى وجهه ونضرته إياهم (  في مقعد صدق عند مليك مقتدر      ) ، ( القمر : 25 ) ، فورب السماء والأرض      [ ص: 340 ] ليجعلن رؤيته يوم القيامة للمخلصين له ثوابا ; لينضر بها وجوههم دون المجرمين ، وتفلج بها حجتهم على الجاحدين ، وهم (  عن ربهم يومئذ لمحجوبون      ) لا يرونه ، كما يزعمون أنه لا يرى ، ولا يكلمهم ، ولا ينظر إليهم ، ولهم عذاب أليم     .  
وقال   الأوزاعي  رحمه الله تعالى : إني لأرجو أن يحجب الله - عز وجل -  جهما  وأصحابه عن أفضل ثوابه الذي وعده الله أولياءه ، حين يقول : (  وجوه يومئذ ناضرة   إلى ربها ناظرة      ) فجحد  جهم  وأصحابه أفضل ثوابه الذي وعده الله - تعالى - أولياءه     . وقال   الوليد بن مسلم     :  سألت   الأوزاعي  ،   وسفيان الثوري  ،   ومالك بن أنس  ،   والليث بن سعد  ، عن هذه الأحاديث التي فيها الرؤيا ، فقالوا : تمر بلا كيف     .  
وقال   سفيان بن عيينة     : من لم يقل إن القرآن كلام الله ، وأن الله يرى في الجنة ، فهو جهمي     . ذكره   الطبري  ، وذكر عنه   ابن أبي حاتم  أنه قال : لا يصلى خلف الجهمي ، والجهمي الذي يقول لا يرى ربه يوم القيامة . وذكر   ابن أبي حاتم  ، عن   جرير بن عبد الحميد  أنه ذكر حديث  ابن سابط  في الزيادة أنها النظر إلى وجه الله عز وجل ، فأنكره رجل ، فصاح به وأخرجه من مجلسه .  
وذكر أيضا  عن   ابن المبارك  أن رجلا من  الجهمية   قال له : يا  أبا عبد الرحمن     " خدا را بآن جهان جون بيند " ومعناه كيف يرى الله يوم القيامة ؟ فقال : بالعين     .  وقال   وكيع بن الجراح     - رحمه الله : يراه - تبارك وتعالى - المؤمنون في الجنة ، ولا يراه إلا المؤمنون     .  وقال   قتيبة بن سعيد  رحمه الله تعالى : قول الأئمة المأخوذ به في الإسلام والسنة : الإيمان بالرؤية ، والتصديق بالأحاديث التي جاءت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الرؤية     .  
وقال   أبو عبيد القاسم بن سلام  ، وقد ذكرت عنده هذه الأحاديث التي في الرؤية : هي عندنا حق ، رواها الثقات عن الثقات إلى أن صارت إلينا ، إلا أنا إذا قيل لنا فسروها لنا ، قلنا : لا نفسر منها شيئا ، ولكن نمضيها كما جاءت     . وقال   عبد الوهاب الوراق     : سألت  أسود بن سالم  عن أحاديث الرؤية ، فقال : أحلف عليها أنها حق .  وقال   محمد بن إدريس الشافعي  رحمه الله تعالى : وقد جاءته رقعة من الصعيد ، فيها : ما تقول في قول الله عز وجل : (  كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون      ) فقال   الشافعي  رحمه الله تعالى : لما أن حجب هؤلاء في السخط ، كان في هذا دليل على أن أولياءه يرونه في الرضا ، قال  الربيع     : فقلت يا  أبا عبد الله  ، وبه تقول ؟      [ ص: 341 ] قال : نعم ، وبه أدين الله عز وجل .  ولو لم يوقن  محمد بن إدريس  أنه يرى الله ، لما عبد الله عز وجل . رواه  الحاكم  ، عن  الربيع  عنه ، وروى   الطبراني  ، وغيره ، عن  المزني  قال :  سمعت   الشافعي     - رحمه الله تعالى - يقول في قوله عز وجل : (  كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون      ) : فيها دليل على أن أولياء الله يرون ربهم - تبارك وتعالى - ويوم القيامة     .  
وقال  محمد بن عبد الله بن الحكم     :  سئل   الشافعي     - رحمه الله تعالى - عن الرؤية ، فقال : يقول الله تعالى : (  كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون      ) ففي هذا دليل على أن المؤمنين لا يحجبون عن الله عز وجل     . رواه   أبو زرعة الرازي . 
 ولابن بطة  عنه - رحمه الله تعالى - قال : (  كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون      ) دلالة على أن أولياء الله يرونه يوم القيامة بأبصارهم ووجوههم . وقال   إسحاق بن منصور     :  قلت  لأحمد     : أليس ربنا تبارك وتعالى يراه أهل الجنة ؟ أليس تقول بهذه الأحاديث ؟ قال  أحمد     : صحيح     . وقال  الفضل بن زياد     :  سمعت  أبا عبد الله     - وقيل له تقول بالرؤية - فقال : من لم يقل بالرؤية فهو جهمي     . وقال :  سمعت  أبا عبد الله  ، وبلغه عن رجل أنه قال : إن الله لا يرى في الآخرة ، فغضب غضبا شديدا ، ثم قال : من قال إن الله لا يرى في الآخرة ، فقد كفر ، عليه لعنة الله وغضبه من كان من الناس ، أليس يقول الله عز وجل : (  وجوه يومئذ ناضرة   إلى ربها ناظرة      ) ، وقال : (  كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون      ) .  وقال  أبو داود     :  سمعت  أحمد     - رحمه الله تعالى - وذكر له عن رجل شيء في الرؤية ، فغضب وقال : من قال إن الله لا يرى فهو كافر  ، وقال أيضا :  سمعت   أحمد بن حنبل     - رحمه الله تعالى - وقيل له في رجل يحدث بحديث ، عن رجل ، عن  أبي العطوف  أن الله لا يرى في الآخرة ، فقال : لعن الله من يحدث بهذا الحديث اليوم ، ثم قال : أخزى الله هذا     . وقال  أبو بكر المروزي     :  قيل  لأبي عبد الله     : تعرف عن   يزيد بن هارون  ، عن  أبي العطوف  ، عن  أبي الزبير  ، عن  جابر     : إن استقر الجبل فسوف تراني ، وإن لم يستقر فلا تراني في الدنيا ولا في الآخرة ؟ فغضب  أبو عبد الله  غضبا شديدا      [ ص: 342 ] حتى تبين في وجهه ، وكان قاعدا والناس حوله ، فأخذ نعله وانتعل ، وقال : أخزى الله هذا ، هذا لا ينبغي أن يكتب . ودفع أن يكون   يزيد بن هارون  رواه أو حدث به ، وقال : هذا جهمي كافر ، خالف ما قاله الله عز وجل : (  وجوه يومئذ ناضرة   إلى ربها ناظرة      ) ، وقال : (  كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون      ) ، أخزى الله هذا الخبيث ؟ قال  أبو عبد الله     : ومن زعم أن الله لا يرى في الآخرة ، فقد كفر     .  
وقال  أبو طالب     :  قال  أبو عبد الله     : قول الله عز وجل : (  هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة      ) ، ( البقرة : 210 ) ، (  وجاء ربك والملك صفا صفا      ) فمن قال إن الله لا يرى ، فقد كفر     . وقال  إسحاق بن إبراهيم بن هانئ     :  سمعت  أبا عبد الله  يقول : من لم يؤمن بالرؤية ، فهو جهمي ، والجهمي كافر     .  
وقال   يوسف بن موسى بن محمد القطان     :  قيل  لأبي عبد الله     : أهل الجنة ينظرون إلى ربهم - تبارك وتعالى - ويكلمونه ويكلمهم ؟ قال : نعم ، ينظر إليهم ، وينظرون إليه ، ويكلمهم ويكلمونه ، كيف شاءوا إذا شاءوا     . وقال   حنبل بن إسحاق     : سمعت  أبا عبد الله  يقول : القوم يرجعون إلى التعطيل في أقوالهم ، ينكرون الرؤية والآثار كلها ، وما ظننتهم على هذا حتى سمعت مقالاتهم . قال  حنبل     :  وسمعت  أبا عبد الله  ، يقول : من زعم أن الله لا يرى في الآخرة ، فهو جهمي ، فقد كفر ورد على الله وعلى الرسول ، ومن زعم أن الله لم يتخذ  إبراهيم   خليلا ، فقد كفر ، ورد على الله قوله     .  
قال  أبو عبد الله     : فنحن نؤمن بهذه الأحاديث ونقر بها ، ونمرها كما جاءت . وقال  الأثرم     :  سمعت  أبا عبد الله     - رحمه الله - يقول : فأما من يقول إن الله لا يرى في الآخرة ، فهو جهمي     . قال  أبو عبد الله     : وإنما تكلم من تكلم في رؤية الدنيا . وقال  إبراهيم بن زياد الصائغ     :  سمعت   أحمد بن حنبل  يقول : الرؤية من كذب بها ، فهو زنديق     . وقال  حنبل  يقول : الرؤية من كذب بها ، فهو زنديق . وقال  حنبل     :  سمعت  أبا عبد الله  يقول : أدركنا الناس وما ينكرون من هذه الأحاديث شيئا أحاديث الرؤية ، وكانوا يحدثون بها على الجملة ، يمرونها على حالها غير منكرين لذلك ولا مرتابين     .  
وقال  أبو عبد الله  رحمه الله تعالى : قال الله تعالى : (  وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا      ) ، ( الشورى : 52 ) ، وكلم الله  موسى   من وراء حجاب ، فقال : (  رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني      )      [ ص: 243 ] فأخبر الله - عز وجل - أن  موسى   يراه في الآخرة ، وقال : (  كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون      ) ولا يكون حجاب إلا لرؤية ، أخبر الله - سبحانه وتعالى - أن من شاء الله ومن أراد يراه ، والكفار لا يرونه     .  
قال  حنبل     : وسمعت  أبا عبد الله  يقول : قال الله تعالى : (  وجوه يومئذ ناضرة   إلى ربها ناظرة      ) ، والأحاديث التي تروى في النظر إلى الله - تعالى - حديث   جابر بن عبد الله  ، وغيره : تنظرون إلى ربكم ، أحاديث صحاح . وقال تعالى : (  للذين أحسنوا الحسنى وزيادة      ) النظر إلى وجه الله عز وجل . قال  أبو عبد الله     : نؤمن بها ، ونعلم أنها حق أحاديث الرؤية ، ونؤمن بأن الله يرى ، نرى ربنا يوم القيامة لا نشك فيه ولا نرتاب .  
قال :  وسمعت  أبا عبد الله  يقول :  من زعم أن الله لا يرى في الآخرة ، فقد كفر بالله ، وكذب بالقرآن  ، ورد على الله أمره ، يستتاب فإن تاب ، وإلا قتل     . قال  حنبل     : قلت  لأبي عبد الله  في أحاديث الرؤية ، قال : هذه صحاح نؤمن بها ، ونقر بها ، وكل ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقررنا به . قال  أبو عبد الله     : إذا لم نقر بما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ودفعناه ، رددنا على الله أمره ، قال الله عز وجل : (  وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا      ) ، ( الحشر : 7 ) .  
وقال   عبد الله بن طاهر  أمير  خراسان    لإسحاق بن راهويه     : يا  أبا يعقوب  ، هذه الأحاديث التي يروونها في النزول والرؤية ، ما هن ؟ فقال : رواها من روى الطهارة ، والغسل ، والصلاة ، والأحكام ، وذكر أشياء ، فإن يكونوا في هذا عدولا ، وإلا فقد ارتفعت الأحكام ، وبطل الشرع . فقال : شفاك الله كما شفيتني ، أو كما قال     . ذكره  الحاكم  ، وقال إمام الأئمة   محمد بن إسحاق بن خزيمة  في كتابه : إن المؤمنين لم يختلفوا أن  المؤمنين يرون خالقهم يوم القيامة  ، ومن أنكر ذلك ، فليس بمؤمن عند المؤمنين .  
وقال   نعيم بن حماد  للمزني     : ما تقول في القرآن ؟ فقال : أقول إنه كلام الله . فقال : غير مخلوق ؟ فقال : غير مخلوق . قال : وتقول : إن الله يرى يوم القيامة ؟ قال : نعم . فلما افترق الناس قام إليه  المزني  ، فقال :  يا أبا عبد الله  ، شهرتني على رءوس الناس . فقال : إن الناس قد أكثروا فيك ، فأردت أن أبرئك     . وقال   أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب  في قوله تعالى : (  وكان بالمؤمنين رحيما   تحيتهم يوم يلقونه سلام      ) ، ( الأحزاب : 44 ) : أجمع أهل اللغة على أن اللقاء هاهنا لا يكون      [ ص: 344 ] إلا معاينة ونظرا بالأبصار . قلت : واللقاء ثابت بنص القرآن هذه الآية وغيرها ، وبالتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكل أحاديث اللقاء صحيحة ، كحديث  أنس  في قصة  بئر معونة      :  إنا قد لقينا ربنا ، فرضي عنا وأرضانا     . وحديث  عبادة  ،  وعائشة  ،   وأبي هريرة  ،   وابن مسعود  رضي الله عنهم :  من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه     . وحديث  أنس     :  إنكم ستلقون بعدي أثرة ، فاصبروا حتى تلقوا الله - تعالى - ورسوله صلى الله عليه وسلم  ، وحديث  أبي ذر  رضي الله عنه :  لو لقيتني بقراب الأرض خطايا ، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا ، لأتيتك بقرابها مغفرة     . وحديث  أبي موسى     :  من لقي الله لا يشرك به شيئا ، دخل الجنة     . وغير ذلك من أحاديث اللقاء التي اطردت كلها بلفظ واحد .  
فهذا كتاب الله - عز وجل - وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحيحة الصريحة ، وهذه      [ ص: 345 ] أقوال الصحابة والتابعين فمن بعدهم من أئمة الهدى ، كلها مجتمعة على أن المؤمنين يرون ربهم - تبارك وتعالى - في الجنة ، ويتلذذون بالنظر إلى وجهه الكريم ، وذلك غاية النعيم ، وأعلى الكرامات ، وأفضل فضيلة ، ولذا يذهلون بالنظر إليه عن كل ما هم فيه من النعيم ، فنحن نؤمن بذلك كله ، ونشهد الله تعالى ، وملائكته ، وأنبياءه ، ورسله ، والمؤمنين على ذلك ، ونضرع إلى الله - تعالى - وندعوه بأسمائه الحسنى أن يرزقنا لذة النظر إلى وجهه - تعالى - في جنة عدن ، وأن لا يحجبنا عنه فنكون من الذين أخبر عنهم أنهم عنه يومئذ لمحجوبون ، نعوذ بالله من ذلك .  
ومن جحد الرؤية ، فهو كاذب على الله تعالى ، مكذب بالصدق إذ جاءه ، راد لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، مخالف لجماعة المؤمنين ، كافر بلقاء الله عز وجل ، متبع غير سبيل المؤمنين ، وسيوليه الله ما تولى ، ويصليه جهنم إن مات مصرا على جحوده ، أليس في جهنم مثوى للكافرين ؟ وقد وعد الله - عز وجل - أن المكذبين محجوبون عنه يوم القيامة فقال تعالى : (  كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون   ثم إنهم لصالو الجحيم   ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون      ) ، وتقدم تفسير   ابن المبارك  قوله : ( تكذبون ) بالرؤية . وقد ورد حديث في وعيد منكري اللقاء ، وهو متناول منكر الرؤية بلا شك ولا مرية .  
روى  مسلم  في صحيحه من حديث   أبي هريرة     - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال : هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ، ليست فيها سحابة ؟ قالوا : لا . قال : هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ، ليس فيه سحابة ؟ قالوا : لا . قال : فوالذي نفس  محمد   بيده ، لا تضارون في رؤية ربكم إلا كما تضارون في رؤية أحدهما ، فيلقى العبد ، فيقول : أي فل ألم أكرمك ، وأسودك ، وأزوجك ، وأسخر لك الخيل والإبل ، وأذرك ترأس وترفع ؟ فيقول : بلى . فيقول : أفظننت أنك ملاقي ؟ فيقول : لا . فيقول : فإني أنساك كما نسيتني ، ثم يلقى الثاني فيقول : أي فل ألم أكرمك ، وأسودك ، وأزوجك ، وأسخر لك الخيل ، والإبل ، وأذرك ترأس وترفع ؟ فيقول : بلى ، أي رب . فيقول : أفظننت أنك ملاقي ؟ فيقول : لا . فيقول : إني أنساك كما نسيتني ، ثم يلقى الثالث ، فيقول له مثل ذلك ، فيقول : يا رب ، آمنت بك ، وبكتابك ورسلك ، وصليت وصمت وتصدقت ، ويثني بخير ما استطاع ، فيقول : هاهنا إذا ، ثم يقال : الآن      [ ص: 346 ] نبعث شاهدا عليك ، فيتفكر في نفسه من الذي يشهد علي ، فيختم على فيه ، ويقال لفخذه انطقي ، فينطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله ، وذلك ليعذر من نفسه ، وذلك المنافق ، وذلك الذي يسخط الله عليه     .  
ومن تراجم أئمة السنة على هذا الحديث : باب  وعيد منكري الرؤية  ، والدلالة منه واضحة منطوقا ومفهوما ، ولله الحمد ، ولا خلاف في ثبوت رؤية المؤمنين ربهم - تبارك وتعالى - في دار الآخرة .  
وكذا لا خلاف بينهم في أنه لا يراه أحد قبل الموت ، وإنما وقع الخلاف بين الصحابة والتابعين فمن بعدهم في ثبوت رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه ليلة المعراج ، كما سيأتي إن شاء الله بحث ذلك في موضعه ، وبالله التوفيق .  
وجوب الإيمان بالصفات الواردة في القرآن وصحيح السنة ، وإقرارها كما أتت .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					