فصل  
قال :  الدرجة الثالثة : استقامة بترك رؤية الاستقامة .   وبالغيبة عن تطلب الاستقامة بشهود إقامة ، وتقويمه الحق .  
هذه الاستقامة معناها : الذهول بمشهوده عن شهوده . فيغيب بالمشهود المقصود سبحانه عن رؤية استقامته في طلبه . فإن رؤية الاستقامة تحجبه عن حقيقة الشهود .  
وأما الغيبة عن تطلب الاستقامة فهو غيبته عن طلبها بشهود إقامة الحق للعبد ، وتقويمه إياه ، فإنه إذا شهد أن الله هو المقيم له والمقوم ، وأن استقامته وقيامه بالله ، لا بنفسه ولا بطلبه : غاب بهذا الشهود عن استشعار طلبه لها .  
وهذا القدر من موجبات شهود معنى اسمه القيوم ، وهو الذي قام بنفسه فلم يحتج إلى أحد . وقام كل شيء به . فكل ما سواه محتاج إليه بالذات . وليست حاجته إليه معللة بحدوث ، كما يقول المتكلمون . ولا بإمكان ، كما يقول الفلاسفة المشاءون . بل حاجته إليه ذاتية ، وما بالذات لا يعلل .  
نعم ، الحدوث والإمكان دليلان على الحاجة . فالتعليل بهما من باب التعريف ، لا من باب العلل المؤثرة . والله أعلم .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					