قال : وهي على ثلاث درجات .  الدرجة الأولى     : ذهاب عن العادات بصحة العلم . والتعلق بأنفاس السالكين ، مع صدق القصد . وخلع كل شاغل من الإخوان . ومشتت من الأوطان .  
هذا يوافق من حد الإرادة بأنها : مخالفة العادة . وهي ترك عوائد النفس      [ ص: 353 ] وشهواتها ، ورعوناتها وبطالاتها . ولا يمكن ذلك إلا بهذه الأشياء التي أشار إليها . وهي : صحبة العلم ومعانقته . فإنه النور الذي يعرف العبد مواقع ما ينبغي إيثار طلبه . وما ينبغي إيثار تركه . فمن لم يصحبه العلم : لم تصح له إرادة باتفاق كلمة الصادقين . ولا عبرة بقطاع الطريق .  
وقال بعضهم : متى رأيت الصوفي الفقير يقدح في العلم . فاتهمه على الإسلام .  
ومنها : التعلق بأنفاس السالكين . ولا ريب أن كل من تعلق بأنفاس قوم انخرط في مسلكهم . ودخل في جماعتهم .  
وقال أنفاس السالكين ولم يقل : أنفاس العابدين . فإن العابدين من شأنهم القيام بالأعمال . وشأن السالكين مراعاة الأحوال .  
وقوله : مع صدق القصد .  
يكون بأمرين . أحدهما : توحيده . والثاني : توحيد المقصود . فلا يقع في قصدك قسمة . ولا في مقصودك .  
وقوله : وخلع كل شاغل من الإخوان ، ومشتت من الأوطان .  
يشير إلى ترك الموانع ، والقواطع العائقة عن السلوك : من صحبة الأغيار ، والتعلق بالأوطان ، التي ألف فيها البطالة والنذالة . فليس على المريد الصادق أضر من عشرائه ووطنه ، القاطعين له عن سيره إلى  
 
				
 
						 
						

 
					 
					