فصل منزلة الحكمة  
ومن منازل  إياك نعبد وإياك نستعين   منزلة  الحكمة      .  
قال الله تعالى :  يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا    [ ص: 448 ] وقال تعالى :  وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما   وقال عن  المسيح   عليه السلام :  ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل      .  
الحكمة   في كتاب الله نوعان : مفردة . ومقترنة بالكتاب . فالمفردة : فسرت بالنبوة ، وفسرت بعلم القرآن . قال   ابن عباس  رضي الله عنهما : هي علم القرآن : ناسخه ومنسوخه ، ومحكمه ومتشابهه . ومقدمه ومؤخره . وحلاله وحرامه . وأمثاله .  
وقال  الضحاك     : هي القرآن والفهم فيه . وقال  مجاهد     : هي القرآن والعلم والفقه . وفي رواية أخرى عنه : هي الإصابة في القول والفعل .  
وقال  النخعي     : هي معاني الأشياء وفهمها .  
وقال  الحسن     : الورع في دين الله . كأنه فسرها بثمرتها ومقتضاها .  
وأما الحكمة المقرونة بالكتاب : فهي السنة . وكذلك قال   الشافعي  وغيره من الأئمة .  
وقيل : هي القضاء بالوحي . وتفسيرها بالسنة أعم وأشهر .  
وأحسن ما قيل في الحكمة . قول  مجاهد  ، و  مالك     : إنها معرفة الحق والعمل به . والإصابة في القول والعمل .  
وهذا لا يكون إلا بفهم القرآن ، والفقه ، في شرائع الإسلام ، وحقائق الإيمان .  
والحكمة حكمتان : علمية ، وعملية . فالعلمية : الاطلاع على بواطن الأشياء . ومعرفة ارتباط الأسباب بمسبباتها ، خلقا وأمرا . قدرا وشرعا .  
والعلمية كما قال صاحب " المنازل " وهي وضع الشيء في موضعه .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					