( فصل ) :
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=3482_17040_17054_17053_17039_17038_3442بيان أنواعه وبيان ما يحل للمحرم اصطياده وما يحرم عليه من كل نوع فنقول وبالله التوفيق : الصيد في الأصل نوعان : بري ، وبحري فالبحري هو الذي توالده في البحر ، سواء كان لا يعيش إلا في البحر ، أو يعيش في البحر والبر ، والبري ما يكون توالده في البر ، سواء كان لا يعيش إلا في البر أو يعيش في البر والبحر ، فالعبرة للتوالد أما صيد البحر فيحل اصطياده للحلال والمحرم جميعا مأكولا كان ، أو غير مأكول لقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة } والمراد منه اصطياد ما في البحر ; لأن الصيد مصدر يقال : صاد يصيد صيدا ، واستعماله في المصيد مجاز ، والكلام بحقيقته إباحة اصطياد ما في البحر عاما ، وأما صيد البر فنوعان : مأكول ، وغير مأكول ، أما المأكول فلا يحل للمحرم اصطياده نحو : الظبي ، والأرنب ، وحمار الوحش ، وبقر الوحش ، والطيور التي
[ ص: 197 ] يؤكل لحومها برية كانت ، أو بحرية ; لأن الطيور كلها برية ; لأن توالدها في البر إنما يدخل بعضها في البحر لطلب الرزق ، والأصل فيه قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما } وقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم } ظاهر الآيتين : يقتضي تحريم صيد البر للمحرم عاما ، أو مطلقا إلا ما خص أو قيد بدليل .
وقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=94يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم } والمراد منه : الابتلاء بالنهي بقوله تعالى في سياق الآية {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=94فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم } أي : اعتدى بالاصطياد بعد تحريمه ، والمراد منه صيد البر ; لأن صيد البحر مباح بقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96أحل لكم صيد البحر } وكذا لا يحل له الدلالة عليه ، والإشارة إليه بقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14178الدال على الخير كفاعله ، والدال على الشر كفاعله } ولأن الدلالة والإشارة سبب إلى القتل ، وتحريم الشيء تحريم لأسبابه .
وكذا لا يحل له الإعانة على قتله ; لأن الإعانة فوق الدلالة والإشارة ، وتحريم الأدنى تحريم الأعلى من طريق الأولى كالتأفيف مع الضرب والشتم .
وأما غير المأكول فنوعان : نوع يكون مؤذيا طبعا مبتدئا بالأذى غالبا ، ونوع لا يبتدئ بالأذى غالبا ، أما الذي يبتدئ بالأذى غالبا فللمحرم أن يقتله ولا شيء عليه ، وذلك نحو : الأسد ، والذئب ، والنمر ، والفهد ; لأن دفع الأذى من غير سبب موجب للأذى واجب فضلا عن الإباحة ، ولهذا أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل الخمس الفواسق للمحرم في الحل
والحرم بقوله : صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18566خمس من الفواسق يقتلهن المحرم في الحل والحرم : الحية ، والعقرب ، والفأرة والكلب العقور ، والغراب وروي والحدأة } وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18566خمس يقتلهن المحل والمحرم في الحل والحرم : الحدأة ، والغراب ، والعقرب ، والفأرة والكلب العقور } .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها قالت : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2034أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل خمس فواسق في الحل والحرم : الحدأة ، والفأرة ، والغراب ، والعقرب ، والكلب العقور } وعلة الإباحة فيها هي الابتداء بالأذى والعدو على الناس غالبا فإن من عادة الحدأة أن تغير على اللحم والكرش ، والعقرب تقصد من تلدغه وتتبع حسه وكذا الحية ، والغراب يقع على دبر البعير وصاحبه قريب منه ، والفأرة تسرق أموال الناس ، والكلب العقور من شأنه العدو على الناس وعقرهم ابتداء من حيث الغالب ، ولا يكاد يهرب من بني
آدم ، وهذا المعنى موجود في الأسد ، والذئب والفهد ، والنمر فكان ورود النص في تلك الأشياء ورودا في هذه دلالة قال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف : " الغراب المذكور في الحديث هو الغراب الذي يأكل الجيف ، أو يخلط مع الجيف إذ هذا النوع هو الذي يبتدئ بالأذى " والعقعق ليس في معناه ; لأنه لا يأكل الجيف ولا يبتدئ بالأذى .
وأما الذي لا يبتدئ بالأذى غالبا كالضبع ، والثعلب وغيرهما فله أن يقتله إن عدا عليه ولا شيء عليه إذا قتله ، وهذا قول
أصحابنا الثلاثة وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر : " يلزمه الجزاء " وجه قوله : أن المحرم للقتل قائم وهو الإحرام فلو سقطت الحرمة إنما تسقط بفعله .
وفعل العجماء جبار فبقي محرم القتل كما كان ، كالجمل الصئول إذا قتله إنسان أنه يضمن لما قلنا كذا هذا ، ولنا أنه لما عدا عليه وابتدأه بالأذى التحق بالمؤذيات طبعا فسقطت عصمته ، وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه أنه ابتدأ قتل ضبع فأدى جزاءها وقال : " إنا ابتدأناها " فتعليله بابتدائه قتله إشارة إلى أنها لو ابتدأت لا يلزمه الجزاء ، وقوله " الإحرام قائم " مسلم لكن أثره في أن لا يتعرض للصيد لا في وجوب تحمل الأذى بل يجب عليه دفع الأذى ; لأنه من صيانة نفسه عن الهلاك وأنه واجب ، فسقطت عصمته في حال الأذى ، فلم يجب الجزاء بخلاف الجمل الصائل ; لأن عصمته ثبتت حقا لمالكه ولم يوجد منه ما يسقط العصمة فيضمن القاتل ، وإن لم يعد عليه لا يباح له أن يبتدئه بالقتل ، وإن قتله ابتداء فعليه الجزاء عندنا .
وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي " يباح له قتله ابتداء ولا جزاء عليه إذا قتله " وجه قوله : أن النبي صلى الله عليه وسلم أباح للمحرم قتل خمس من الدواب ، وهي لا يؤكل لحمها والضبع والثعلب ما لا يؤكل لحمه ، فكان ورود النص هناك ورودا ههنا ، ولنا قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم } وقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما } وقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=94يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم } عاما أو مطلقا من غير فصل بين المأكول وغيره ، واسم الصيد يقع على المأكول وغير المأكول لوجود حد الصيد فيهما جميعا ، والدليل عليه قول الشاعر :
[ ص: 198 ] صيد الملوك أرانب وثعالب وإذا ركبت فصيدي الأبطال
أطلق اسم الصيد على الثعلب إلا أنه خص منها الصيد العادي المبتدئ بالأذى غالبا ، أو قيدت بدليل فمن ادعى تخصيص غيره ، أو التقييد فعليه الدليل .
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14535الضبع صيد وفيه شاة إذا قتله المحرم } ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس رضي الله عنهما " أنهما أوجبا في قتل المحرم الضبع جزاء " وعن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه أنه قال في الضبع إذا عدا على المحرم : فليقتله ، فإن قتله قبل أن يعدو عليه فعليه شاة مسنة ولا حجة
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي في حديث الخمس الفواسق ; لأنه ليس فيه أن إباحة قتلهن لأجل أنه لا يؤكل لحمها ، بل فيه إشارة إلى أن علة الإباحة فيها الابتداء بالأذى غالبا ، ولا يوجد ذلك في الضبع والثعلب ، بل من عادتهما الهرب من بني
آدم ولا يؤذيان أحدا حتى يبتدئهما بالأذى ، فلم توجد علة الإباحة فيهما فلم تثبت الإباحة ، وعلى هذا الخلاف : الضب ، واليربوع ، والسمور ، والدلف ، والقرد والفيل ، والخنزير ; لأنها صيد لوجود معنى الصيد فيها ، وهو الامتناع والتوحش ولا تبتدئ بالأذى غالبا فتدخل تحت ما تلونا من الآيات الكريمة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر : في الخنزير " أنه لا يجب الجزاء فيه " لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16279بعثت بكسر المعازف ، وقتل الخنازير } ندبنا صلى الله عليه وسلم إلى قتله .
والندب فوق الإباحة فلا يتعلق به الجزاء ، والحديث محمول على غير حال الإحرام أو على حال العدو والابتداء بالأذى ، حملا لخبر الواحد على موافقة الكتاب العزيز ، وعلى هذا الاختلاف سباع الطير ، والله أعلم .
( فَصْلٌ ) :
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=3482_17040_17054_17053_17039_17038_3442بَيَانُ أَنْوَاعِهِ وَبَيَانُ مَا يَحِلُّ لِلْمُحْرِمِ اصْطِيَادُهُ وَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ فَنَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ : الصَّيْدُ فِي الْأَصْلِ نَوْعَانِ : بَرِّيٌّ ، وَبَحْرِيٌّ فَالْبَحْرِيُّ هُوَ الَّذِي تَوَالُدُهُ فِي الْبَحْرِ ، سَوَاءٌ كَانَ لَا يَعِيشُ إلَّا فِي الْبَحْرِ ، أَوْ يَعِيشُ فِي الْبَحْرِ وَالْبَرِّ ، وَالْبَرِّيُّ مَا يَكُونُ تَوَالُدُهُ فِي الْبَرِّ ، سَوَاءٌ كَانَ لَا يَعِيشُ إلَّا فِي الْبَرِّ أَوْ يَعِيشُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، فَالْعِبْرَةُ لِلتَّوَالُدِ أَمَّا صَيْدُ الْبَحْرِ فَيَحِلُّ اصْطِيَادُهُ لِلْحَلَالِ وَالْمُحْرِمِ جَمِيعًا مَأْكُولًا كَانَ ، أَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ } وَالْمُرَادُ مِنْهُ اصْطِيَادُ مَا فِي الْبَحْرِ ; لِأَنَّ الصَّيْدَ مَصْدَرٌ يُقَالُ : صَادَ يَصِيدُ صَيْدًا ، وَاسْتِعْمَالُهُ فِي الْمَصِيدِ مَجَازٌ ، وَالْكَلَامُ بِحَقِيقَتِهِ إبَاحَةُ اصْطِيَادِ مَا فِي الْبَحْرِ عَامًّا ، وَأَمَّا صَيْدُ الْبَرِّ فَنَوْعَانِ : مَأْكُولٌ ، وَغَيْرُ مَأْكُولٍ ، أَمَّا الْمَأْكُولُ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُحْرِمِ اصْطِيَادُهُ نَحْوَ : الظَّبْيِ ، وَالْأَرْنَبِ ، وَحِمَارِ الْوَحْشِ ، وَبَقَرِ الْوَحْشِ ، وَالطُّيُورِ الَّتِي
[ ص: 197 ] يُؤْكَلُ لُحُومُهَا بَرِّيَّةً كَانَتْ ، أَوْ بَحْرِيَّةً ; لِأَنَّ الطُّيُورَ كُلَّهَا بَرِّيَّةٌ ; لِأَنَّ تَوَالُدَهَا فِي الْبَرِّ إنَّمَا يَدْخُلُ بَعْضُهَا فِي الْبَحْرِ لِطَلَبِ الرِّزْقِ ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا } وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ } ظَاهِرُ الْآيَتَيْنِ : يَقْتَضِي تَحْرِيمَ صَيْدِ الْبَرِّ لِلْمُحْرِمِ عَامًّا ، أَوْ مُطْلَقًا إلَّا مَا خُصَّ أَوْ قُيِّدَ بِدَلِيلٍ .
وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=94يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَبْلُوَنَّكُمْ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ } وَالْمُرَادُ مِنْهُ : الِابْتِلَاءُ بِالنَّهْيِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سِيَاقِ الْآيَةِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=94فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أَيْ : اعْتَدَى بِالِاصْطِيَادِ بَعْدَ تَحْرِيمِهِ ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ صَيْدُ الْبَرِّ ; لِأَنَّ صَيْدَ الْبَحْرِ مُبَاحٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ } وَكَذَا لَا يَحِلُّ لَهُ الدَّلَالَةُ عَلَيْهِ ، وَالْإِشَارَةُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14178الدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ ، وَالدَّالُّ عَلَى الشَّرِّ كَفَاعِلِهِ } وَلِأَنَّ الدَّلَالَةَ وَالْإِشَارَةَ سَبَبٌ إلَى الْقَتْلِ ، وَتَحْرِيمُ الشَّيْءِ تَحْرِيمٌ لِأَسْبَابِهِ .
وَكَذَا لَا يَحِلُّ لَهُ الْإِعَانَةُ عَلَى قَتْلِهِ ; لِأَنَّ الْإِعَانَةَ فَوْقَ الدَّلَالَةِ وَالْإِشَارَةِ ، وَتَحْرِيمُ الْأَدْنَى تَحْرِيمُ الْأَعْلَى مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى كَالتَّأْفِيفِ مَعَ الضَّرْبِ وَالشَّتْمِ .
وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْكُولِ فَنَوْعَانِ : نَوْعٌ يَكُونُ مُؤْذِيًا طَبْعًا مُبْتَدِئًا بِالْأَذَى غَالِبًا ، وَنَوْعٌ لَا يَبْتَدِئُ بِالْأَذَى غَالِبًا ، أَمَّا الَّذِي يَبْتَدِئُ بِالْأَذَى غَالِبًا فَلِلْمُحْرِمِ أَنْ يَقْتُلَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ نَحْوَ : الْأَسَدِ ، وَالذِّئْبِ ، وَالنَّمِرِ ، وَالْفَهْدِ ; لِأَنَّ دَفْعَ الْأَذَى مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ مُوجِبٍ لِلْأَذَى وَاجِبٌ فَضْلًا عَنْ الْإِبَاحَةِ ، وَلِهَذَا أَبَاحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلَ الْخَمْسِ الْفَوَاسِقِ لِلْمُحْرِمِ فِي الْحِلِّ
وَالْحَرَمِ بِقَوْلِهِ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18566خَمْسٌ مِنْ الْفَوَاسِقِ يَقْتُلهُنَّ الْمُحْرِمُ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ : الْحَيَّةُ ، وَالْعَقْرَبُ ، وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ ، وَالْغُرَابُ وَرُوِيَ وَالْحِدَأَةُ } وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18566خَمْسٌ يَقْتُلهُنَّ الْمُحِلُّ وَالْمُحْرِمُ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ : الْحِدَأَةُ ، وَالْغُرَابُ ، وَالْعَقْرَبُ ، وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ } .
وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2034أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ خَمْسِ فَوَاسِقَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ : الْحِدَأَةُ ، وَالْفَأْرَةُ ، وَالْغُرَابُ ، وَالْعَقْرَبُ ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ } وَعِلَّةُ الْإِبَاحَةِ فِيهَا هِيَ الِابْتِدَاءُ بِالْأَذَى وَالْعَدْوُ عَلَى النَّاسِ غَالِبًا فَإِنَّ مِنْ عَادَةِ الْحِدَأَةِ أَنْ تُغِيرَ عَلَى اللَّحْمِ وَالْكَرِشِ ، وَالْعَقْرَبُ تَقْصِدُ مَنْ تَلْدَغُهُ وَتَتْبَعُ حِسَّهُ وَكَذَا الْحَيَّةُ ، وَالْغُرَابُ يَقَعُ عَلَى دُبُرِ الْبَعِيرِ وَصَاحِبُهُ قَرِيبٌ مِنْهُ ، وَالْفَأْرَةُ تَسْرِقُ أَمْوَالَ النَّاسِ ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ مِنْ شَأْنِهِ الْعَدْوُ عَلَى النَّاسِ وَعَقْرِهِمْ ابْتِدَاءً مِنْ حَيْثُ الْغَالِبِ ، وَلَا يَكَادُ يَهْرَبُ مِنْ بَنِي
آدَمَ ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْأَسَدِ ، وَالذِّئْبِ وَالْفَهْدِ ، وَالنَّمِرِ فَكَانَ وُرُودُ النَّصِّ فِي تِلْكَ الْأَشْيَاءِ وُرُودًا فِي هَذِهِ دَلَالَةً قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ : " الْغُرَابُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ هُوَ الْغُرَابُ الَّذِي يَأْكُلُ الْجِيَفَ ، أَوْ يَخْلِطُ مَعَ الْجِيَفِ إذْ هَذَا النَّوْعُ هُوَ الَّذِي يَبْتَدِئُ بِالْأَذَى " وَالْعَقْعَقُ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ ; لِأَنَّهُ لَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ وَلَا يَبْتَدِئُ بِالْأَذَى .
وَأَمَّا الَّذِي لَا يَبْتَدِئُ بِالْأَذَى غَالِبًا كَالضَّبُعِ ، وَالثَّعْلَبِ وَغَيْرِهِمَا فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ إنْ عَدَا عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا قَتَلَهُ ، وَهَذَا قَوْلُ
أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15922زُفَرُ : " يَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ " وَجْهُ قَوْلِهِ : أَنَّ الْمُحَرِّمَ لِلْقَتْلِ قَائِمٌ وَهُوَ الْإِحْرَامُ فَلَوْ سَقَطَتْ الْحُرْمَةُ إنَّمَا تَسْقُطُ بِفِعْلِهِ .
وَفِعْلُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ فَبَقِيَ مُحَرِّمُ الْقَتْلِ كَمَا كَانَ ، كَالْجَمَلِ الصَّئُولِ إذَا قَتَلَهُ إنْسَانٌ أَنَّهُ يَضْمَنُ لِمَا قُلْنَا كَذَا هَذَا ، وَلَنَا أَنَّهُ لَمَّا عَدَا عَلَيْهِ وَابْتَدَأَهُ بِالْأَذَى الْتَحَقَ بِالْمُؤْذِيَاتِ طَبْعًا فَسَقَطَتْ عِصْمَتُهُ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ ابْتَدَأَ قَتْلَ ضَبُعٍ فَأَدَّى جَزَاءَهَا وَقَالَ : " إنَّا ابْتَدَأْنَاهَا " فَتَعْلِيلُهُ بِابْتِدَائِهِ قَتْلَهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا لَوْ ابْتَدَأَتْ لَا يَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ ، وَقَوْلُهُ " الْإِحْرَامُ قَائِمٌ " مُسَلَّمٌ لَكِنَّ أَثَرَهُ فِي أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لِلصَّيْدِ لَا فِي وُجُوبِ تَحَمُّلِ الْأَذَى بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ الْأَذَى ; لِأَنَّهُ مِنْ صِيَانَةِ نَفْسِهِ عَنْ الْهَلَاكِ وَأَنَّهُ وَاجِبٌ ، فَسَقَطَتْ عِصْمَتُهُ فِي حَالِ الْأَذَى ، فَلَمْ يَجِبْ الْجَزَاءُ بِخِلَافِ الْجَمَلِ الصَّائِلِ ; لِأَنَّ عِصْمَتَهُ ثَبَتَتْ حَقًّا لِمَالِكِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يُسْقِطُ الْعِصْمَةَ فَيَضْمَنُ الْقَاتِلُ ، وَإِنْ لَمْ يَعْدُ عَلَيْهِ لَا يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَهُ بِالْقَتْلِ ، وَإِنْ قَتَلَهُ ابْتِدَاءً فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ عِنْدَنَا .
وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ " يُبَاحُ لَهُ قَتْلُهُ ابْتِدَاءً وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ إذَا قَتَلَهُ " وَجْهُ قَوْلِهِ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَ لِلْمُحْرِمِ قَتْلَ خَمْسٍ مِنْ الدَّوَابِّ ، وَهِيَ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا وَالضَّبُعُ وَالثَّعْلَبُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ ، فَكَانَ وُرُودُ النَّصِّ هُنَاكَ وُرُودًا هَهُنَا ، وَلَنَا قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ } وَقَوْلُهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا } وَقَوْلُهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=94يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمْ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ } عَامًّا أَوْ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنِ الْمَأْكُولِ وَغَيْرِهِ ، وَاسْمُ الصَّيْدِ يَقَعُ عَلَى الْمَأْكُولِ وَغَيْرِ الْمَأْكُولِ لِوُجُودِ حَدِّ الصَّيْدِ فِيهِمَا جَمِيعًا ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
[ ص: 198 ] صَيْدُ الْمُلُوكِ أَرَانِبُ وَثَعَالِبُ وَإِذَا رَكِبْتُ فَصَيْدِي الْأَبْطَالُ
أَطْلَقَ اسْمَ الصَّيْدِ عَلَى الثَّعْلَبِ إلَّا أَنَّهُ خَصَّ مِنْهَا الصَّيْدَ الْعَادِيَ الْمُبْتَدِئَ بِالْأَذَى غَالِبًا ، أَوْ قُيِّدَتْ بِدَلِيلٍ فَمَنْ ادَّعَى تَخْصِيصَ غَيْرِهِ ، أَوْ التَّقْيِيدَ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14535الضَّبُعُ صَيْدٌ وَفِيهِ شَاةٌ إذَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ } ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا " أَنَّهُمَا أَوْجَبَا فِي قَتْلِ الْمُحْرِمِ الضَّبُعَ جَزَاءً " وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي الضَّبُعِ إذَا عَدَا عَلَى الْمُحْرِمِ : فَلْيَقْتُلْهُ ، فَإِنْ قَتَلَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْدُوَ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ شَاةٌ مُسِنَّةٌ وَلَا حُجَّةَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790لِلشَّافِعِيِّ فِي حَدِيثِ الْخَمْسِ الْفَوَاسِقِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ إبَاحَةَ قَتْلِهِنَّ لِأَجْلِ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا ، بَلْ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ عِلَّةَ الْإِبَاحَةِ فِيهَا الِابْتِدَاءُ بِالْأَذَى غَالِبًا ، وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي الضَّبُعِ وَالثَّعْلَبِ ، بَلْ مِنْ عَادَتِهِمَا الْهَرَبُ مِنْ بَنِي
آدَمَ وَلَا يُؤْذِيَانِ أَحَدًا حَتَّى يَبْتَدِئَهُمَا بِالْأَذَى ، فَلَمْ تُوجَدْ عِلَّةُ الْإِبَاحَةِ فِيهِمَا فَلَمْ تَثْبُتْ الْإِبَاحَةُ ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ : الضَّبُّ ، وَالْيَرْبُوعُ ، وَالسَّمُّورُ ، وَالدُّلَّف ، وَالْقِرْدُ وَالْفِيلُ ، وَالْخِنْزِيرُ ; لِأَنَّهَا صَيْدٌ لِوُجُودِ مَعْنَى الصَّيْدِ فِيهَا ، وَهُوَ الِامْتِنَاعُ وَالتَّوَحُّشُ وَلَا تَبْتَدِئُ بِالْأَذَى غَالِبًا فَتَدْخُلُ تَحْتَ مَا تَلَوْنَا مِنْ الْآيَاتِ الْكَرِيمَةِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15922زُفَرُ : فِي الْخِنْزِيرِ " أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْجَزَاءُ فِيهِ " لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16279بُعِثْت بِكَسْرِ الْمَعَازِفِ ، وَقَتْلِ الْخَنَازِيرِ } نَدَبَنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى قَتْلِهِ .
وَالنَّدْبُ فَوْقَ الْإِبَاحَةِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْجَزَاءُ ، وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ حَالِ الْإِحْرَامِ أَوْ عَلَى حَالِ الْعَدْوِ وَالِابْتِدَاءِ بِالْأَذَى ، حَمْلًا لِخَبَرِ الْوَاحِدِ عَلَى مُوَافَقَةِ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ ، وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ سِبَاعُ الطَّيْرِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .