الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( ولو ) قال : قد أوصيت لبني فلان وهم ثلاثة بثلث مالي ، فإذا بنو فلان خمسة - فالثلث لثلاثة منهم ; لأن قوله : لبني فلان اسم عام ، وقوله : وهم ثلاثة تخصيص أي : أوصيت لثلاثة من بني فلان ، فصح الإيصاء لثلاثة منهم غير معينين ، وهذه الجهالة لا تمنع صحة الوصية ; لأنها محصورة مستدركة ، ومثل هذه الجهالة لا تمنع صحة الوصية ; لأن تنفيذها ممكن ، كما لو أوصى لأولاد فلان .

                                                                                                                                وكما لو أوصى بثلث ماله ، وهو مجهول لا يدري كم يكون عند موت الموصي ؟ بخلاف ما أوصى لواحد من عرض الناس حيث لم يصح ; لأن تلك الجهالة غير مستدركة .

                                                                                                                                وكذا لو أوصى لقبيلة لا يحصون ; لأنه لا يمكن حصرها ، والخيار في تعيين الثلاثة من بنيه إلى ورثة الموصي ; لأنهم قائمون مقامه ، والبيان كان إليه ; لأنه هو المبهم ، فلما مات عجز عن البيان بنفسه ، فقام من يخلفه مقامه بخلاف ما إذا أوصى لمواليه حيث لم تصح ، ولم تقم الورثة مقامه ; لأن هناك تخلف المقصود من الوصية ، ولا يقف على مقصود الموصي أنه أراد به زيادة في الإنعام أو الشكر أو مجازاة أحد من الورثة ، فلا يمكنهم التعيين ، وههنا الأمر بخلافه ، واستشهد محمد - رحمه الله - لصحة هذه الوصية فقال : ألا يرى أن رجلا لو قال : أوصيت بثلث مالي لبني فلان ، وهم ثلاثة : فلان ، ، وفلان ، وفلان ، فإذا بنو فلان غير الذين سماهم - إن الوصية جائزة لمن سمى ; لأنه خص البعض فكذا ههنا .

                                                                                                                                أوضح محمد - رحمه الله تعالى - جواز تخصيص ثلاثة مجهولين بعلمه لجواز تخصيص ثلاثة معينين ، وأنه إيضاح صحيح ، ولو قال : قد أوصيت بثلث مالي لبني فلان ، وهم ثلاثة ، ولفلان ابن فلان ، فإذا بنو فلان خمسة - فلفلان ابن فلان ربع الثلث ; لأن قوله وهم ثلاثة صحيح لما ذكرنا أنه تخصيص العام فصار موصيا بثلث ماله لثلاثة من بني فلان ، ولفلان ابن فلان ، فكان فلان رابعهم ، فكان له ربع الثلث ، وثلاثة أرباعه لثلاثة من بني فلان ، ولو أوصى لرجل بمائة ، ولرجل آخر بمائة ثم قال لآخر : قد أشركتك معهما فله ثلث كل مائة ; لأن الشركة تقتضي التساوي ، وقد أضافها إليهما فيقتضي أن يستوي كل واحد منهما ، ولا تتحقق المساواة إلا بأن يأخذ من كل واحد منهما ثلث ما في يده ، فيكون لكل واحد ثلثا المائة فتحصل المساواة ، وإن أوصى لرجل بأربعمائة ، ولآخر بمائتين ثم قال لآخر : قد أشركتك معهما فله نصف ما أوصى لكل واحد منهما ; لأن تحقيق المشاركة بينهم على سبيل الجملة غير ممكن في هذه الصورة لاختلاف الأنصباء ، فيتحقق التساوي على سبيل الانفراد تحقيقا لمقتضى الشركة بقدر الإمكان ( وكذا ) لو أوصى لاثنين لكل واحد جارية ثم أشرك فيهما ثالثا كان له نصف كل واحدة منهما ؟ لما ذكرنا [ ص: 383 ] أن إثبات الاستواء على سبيل الاجتماع غير ممكن .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية