( فصل ) :
ومنها أن تكون المرأة محللة وهي أن لا تكون محرمة على التأبيد فإن كانت محرمة على التأبيد فلا يجوز نكاحها ; لأن الإنكاح إحلال ، وإحلال المحرم على التأبيد محال
nindex.php?page=treesubj&link=10976_10975_10974_10973_10972_10982_10977_10971والمحرمات على التأبيد ثلاثة أنواع : .
محرمات بالقرابة ومحرمات بالمصاهرة ومحرمات بالرضاع .
أما النوع الأول : فالمحرمات بالقرابة سبع فرق : الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم } الآية أخبر الله تعالى عن تحريم هذه المذكورات ، فإما أن يعمل بحقيقة هذا الكلام حقيقة ويقال : بحرمة الأعيان كما هو مذهب أهل السنة والجماعة وهي " منع الله تعالى الأعيان عن تصرفنا فيها بإخراجها من أن تكون محلا لذلك شرعا ، وهو التصرف الذي يعتاد إيقاعه في جنسها وهو الاستمتاع والنكاح .
وإما أن يضمر فيه الفعل وهو الاستمتاع والنكاح في تحريم كل واحد منهما تحريم الآخر ; لأنه إذا حرم الاستمتاع وهو المقصود بالنكاح لم يكن النكاح مفيدا لخلوه عن العاقبة الحميدة فكان تحريم الاستمتاع تحريما للنكاح ، وإذا حرم النكاح وأنه شرع وسيلة إلى الاستمتاع ، والاستمتاع هو المقصود فكان تحريم الوسيلة تحريما للمقصود بالطريق الأولى ، وإذا عرف هذا فنقول : يحرم على الرجل أمه بنص الكتاب وهو قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23حرمت عليكم [ ص: 257 ] أمهاتكم } وتحرم عليه جداته من قبل أبيه وأمه وإن علون بدلالة النص ; لأن الله تعالى حرم العمات والخالات وهن أولاد الأجداد والجدات ، فكانت الجدات أقرب منهن فكان تحريمهن تحريما للجدات من طريق الأولى كتحريم التأفيف نصا يكون تحريما للشتم والضرب دلالة ، وعليه إجماع الأمة أيضا وتحرم عليه بناته بالنص وهو قوله تعالى " وبناتكم " سواء كانت بنته من النكاح أو من السفاح لعموم النص وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا
nindex.php?page=treesubj&link=10437_10973تحرم عليه البنت من السفاح ; لأن نسبها لم يثبت منه فلا تكون مضافة إليه شرعا فلا تدخل تحت نص الإرث والنفقة في قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يوصيكم الله في أولادكم } وفي قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وعلى المولود له رزقهن } كذا ههنا ; ولأنا نقول : بنت الإنسان اسم لأنثى مخلوقة من مائه حقيقة ، والكلام فيه فكانت بنته حقيقة إلا أنه لا تجوز الإضافة شرعا إليه لما فيه من إشاعة الفاحشة ، وهذا لا ينفي النسبة الحقيقية ; لأن الحقائق لا مرد لها وهكذا نقول في الإرث والنفقة : إن النسبة الحقيقية ثابتة إلا أن الشرع اعتبر هناك ثبوت النسب شرعا لجريان الإرث والنفقة لمعنى .
ومن ادعى ذلك ههنا فعليه البيان .
وتحرم بنات بناته وبنات أبنائه وإن سفلن بدلالة النص ; لأنهن أقرب من بنات الأخ وبنات الأخت ومن الأخوات أيضا ; لأن الأخوات أولاد أبيه وهن أولاد أولاده فكان ذكر الحرمة هناك ذكرا للحرمة ههنا دلالة وعليه إجماع الأمة أيضا ، وتحرم عليه أخواته وعماته وخالاته بالنص وهو قوله عز وجل : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم } سواء كن لأب وأم أو لأب أو لأم لإطلاق اسم الأخت والعمة والخالة ، ويحرم عليه عمة أبيه وخالته لأب وأم أو لأب أو لأم ، وعمة أمه وخالته لأب وأم أو لأب أو لأم بالإجماع .
وكذا عمة جده وخالته وعمة خالته وخالتها لأب وأم أو لأب أو لأم تحرم بالإجماع ، وتحرم عليه بنات الأخ وبنات الأخت بالنص ، وهو قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وبنات الأخ وبنات الأخت } وبنات بنات الأخ والأخت وإن سفلن بالإجماع ومنهم من قال : إن حرمة الجدات وبنات البنات ونحوهن ممن ذكرنا يثبت بالنص أيضا ; لانطلاق الاسم عليهن فإن جدة الإنسان تسمى أما له ، وبنت بنته تسمى بنتا له فكانت حرمتهن ثابتة بعين النص ، لكن هذا لا يصح إلا على قول من يقول : يجوز أن يراد الحقيقة والمجاز من لفظ واحد إذا لم يكن بين حكميهما منافاة ; ; لأن إطلاق اسم الأم على الجدة وإطلاق اسم البنت على بنت البنت بطريق المجاز ألا ترى أن من نفى اسم الأم والبنت عنهما كان صادقا في النفي ، وهذا من العلامات التي يفرق بها بين الحقيقة والمجاز ، وقد ظهر أمر هذه التفرقة في الشرع أيضا حتى إن من قال لرجل : لست أنت بابن فلان لجده لا يصير قاذفا له حتى لا يؤخذ بالحد ; ولأن نكاح هؤلاء يفضي إلى قطع الرحم ; لأن النكاح لا يخلو عن مباسطات تجري بين الزوجين عادة وبسببها تجري الخشونة بينهما ، وذلك يفضي إلى قطع الرحم فكان النكاح سببا لقطع الرحم مفضيا إليه ، وقطع الرحم حرام والمفضي إلى الحرام حرام ، وهذا المعنى يعم الفرق السبع ; لأن قرابتهن محرمة القطع واجبة الوصل ، ويختص الأمهات بمعنى آخر ، وهو أن احترام الأم وتعظيمها واجب ، ولهذا أمر الولد بمصاحبة الوالدين بالمعروف وخفض الجناح لهما والقول الكريم ونهي عن التأفيف لهما فلو جاز النكاح والمرأة تكون تحت أمر الزوج ، وطاعته وخدمته مستحقة عليها للزمها ذلك وأنه ينفي الاحترام فيؤدي إلى التناقض وتحل له بنت العمة والخالة وبنت العم والخال ; لأن الله تعالى ذكر المحرمات في آية التحريم ثم أخبر سبحانه وتعالى أنه أحل ما وراء ذلك بقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24وأحل لكم ما وراء ذلكم } وبنات الأعمام والعمات والأخوال والخالات لم يذكرن في المحرمات فكن مما وراء ذلك فكن محللات .
وكذا عمومات النكاح لا توجب الفصل ثم خص عنها المحرمات المذكورات في آية التحريم فبقي غيرهن تحت العموم ، وقد ورد نص خاص في الباب ، وهو قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك } إلى قوله عز وجل : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50 : وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك } الآية والأصل فيما يثبت للنبي صلى الله عليه وسلم أن يثبت لأمته ، والخصوص بدليل - والله الموفق - .
( فَصْلٌ ) :
وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مُحَلَّلَةً وَهِيَ أَنْ لَا تَكُونَ مُحَرَّمَةً عَلَى التَّأْبِيدِ فَإِنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَى التَّأْبِيدِ فَلَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا ; لِأَنَّ الْإِنْكَاحَ إحْلَالٌ ، وَإِحْلَالُ الْمُحَرَّمِ عَلَى التَّأْبِيدِ مُحَالٌ
nindex.php?page=treesubj&link=10976_10975_10974_10973_10972_10982_10977_10971وَالْمُحَرَّمَاتُ عَلَى التَّأْبِيدِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ : .
مُحَرَّمَاتٌ بِالْقَرَابَةِ وَمُحَرَّمَاتٌ بِالْمُصَاهَرَةِ وَمُحَرَّمَاتٌ بِالرَّضَاعِ .
أَمَّا النَّوْعُ الْأَوَّلُ : فَالْمُحَرَّمَاتُ بِالْقَرَابَةِ سَبْعُ فِرَقٍ : الْأُمَّهَاتُ وَالْبَنَاتُ وَالْأَخَوَاتُ وَالْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ } الْآيَةَ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ تَحْرِيمِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ ، فَإِمَّا أَنْ يُعْمَلَ بِحَقِيقَةِ هَذَا الْكَلَامِ حَقِيقَةً وَيُقَالُ : بِحُرْمَةِ الْأَعْيَانِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَهْل السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَهِيَ " مَنْعُ اللَّهِ تَعَالَى الْأَعْيَانَ عَنْ تَصَرُّفِنَا فِيهَا بِإِخْرَاجِهَا مِنْ أَنْ تَكُونَ مَحَلًّا لِذَلِكَ شَرْعًا ، وَهُوَ التَّصَرُّفُ الَّذِي يُعْتَادُ إيقَاعُهُ فِي جِنْسِهَا وَهُوَ الِاسْتِمْتَاعُ وَالنِّكَاحُ .
وَإِمَّا أَنْ يُضْمَرَ فِيهِ الْفِعْلُ وَهُوَ الِاسْتِمْتَاعُ وَالنِّكَاحُ فِي تَحْرِيمِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَحْرِيمَ الْآخَرِ ; لِأَنَّهُ إذَا حُرِّمَ الِاسْتِمْتَاعُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالنِّكَاحِ لَمْ يَكُنْ النِّكَاحُ مُفِيدًا لِخُلُوِّهِ عَنْ الْعَاقِبَةِ الْحَمِيدَةِ فَكَانَ تَحْرِيمُ الِاسْتِمْتَاعِ تَحْرِيمًا لِلنِّكَاحِ ، وَإِذَا حُرِّمَ النِّكَاحُ وَأَنَّهُ شُرِعَ وَسِيلَةً إلَى الِاسْتِمْتَاعِ ، وَالِاسْتِمْتَاعُ هُوَ الْمَقْصُودُ فَكَانَ تَحْرِيمُ الْوَسِيلَةِ تَحْرِيمًا لِلْمَقْصُودِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى ، وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَنَقُولُ : يُحَرَّمُ عَلَى الرَّجُلِ أُمُّهُ بِنَصِّ الْكِتَابِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ [ ص: 257 ] أُمَّهَاتُكُمْ } وَتُحَرَّمُ عَلَيْهِ جَدَّاتُهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَإِنْ عَلَوْنَ بِدَلَالَةِ النَّصِّ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ وَهُنَّ أَوْلَادُ الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ ، فَكَانَتْ الْجَدَّاتُ أَقْرَبَ مِنْهُنَّ فَكَانَ تَحْرِيمُهُنَّ تَحْرِيمًا لِلْجَدَّاتِ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى كَتَحْرِيمِ التَّأْفِيفِ نَصًّا يَكُونُ تَحْرِيمًا لِلشَّتْمِ وَالضَّرْبِ دَلَالَةً ، وَعَلَيْهِ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ أَيْضًا وَتُحَرَّمُ عَلَيْهِ بَنَاتُهُ بِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى " وَبَنَاتُكُمْ " سَوَاءً كَانَتْ بِنْتَهُ مِنْ النِّكَاحِ أَوْ مِنْ السِّفَاحِ لِعُمُومِ النَّصِّ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : لَا
nindex.php?page=treesubj&link=10437_10973تُحَرَّمُ عَلَيْهِ الْبِنْتُ مِنْ السِّفَاحِ ; لِأَنَّ نَسَبَهَا لَمْ يَثْبُتْ مِنْهُ فَلَا تَكُونُ مُضَافَةً إلَيْهِ شَرْعًا فَلَا تَدْخُلُ تَحْتَ نَصِّ الْإِرْثِ وَالنَّفَقَةِ فِي قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ } وَفِي قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ } كَذَا هَهُنَا ; وَلِأَنَّا نَقُولُ : بِنْتُ الْإِنْسَانِ اسْمٌ لِأُنْثَى مَخْلُوقَةٍ مِنْ مَائِهِ حَقِيقَةً ، وَالْكَلَامُ فِيهِ فَكَانَتْ بِنْتَهُ حَقِيقَةً إلَّا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْإِضَافَةُ شَرْعًا إلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إشَاعَةِ الْفَاحِشَةِ ، وَهَذَا لَا يَنْفِي النِّسْبَةَ الْحَقِيقِيَّةَ ; لِأَنَّ الْحَقَائِقَ لَا مَرَدَّ لَهَا وَهَكَذَا نَقُولُ فِي الْإِرْثِ وَالنَّفَقَةِ : إنَّ النِّسْبَةَ الْحَقِيقِيَّةَ ثَابِتَةٌ إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ اعْتَبَرَ هُنَاكَ ثُبُوتَ النَّسَبِ شَرْعًا لِجَرَيَانِ الْإِرْثِ وَالنَّفَقَةِ لِمَعْنًى .
وَمَنْ ادَّعَى ذَلِكَ هَهُنَا فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ .
وَتُحَرَّمُ بَنَاتُ بَنَاتِهِ وَبَنَاتُ أَبْنَائِهِ وَإِنْ سَفَلْنَ بِدَلَالَةِ النَّصِّ ; لِأَنَّهُنَّ أَقْرَبُ مِنْ بَنَاتِ الْأَخِ وَبَنَاتِ الْأُخْتِ وَمِنْ الْأَخَوَاتِ أَيْضًا ; لِأَنَّ الْأَخَوَاتِ أَوْلَادُ أَبِيهِ وَهُنَّ أَوْلَادُ أَوْلَادِهِ فَكَانَ ذِكْرُ الْحُرْمَةِ هُنَاكَ ذِكْرًا لِلْحُرْمَةِ هَهُنَا دَلَالَةً وَعَلَيْهِ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ أَيْضًا ، وَتُحَرَّمُ عَلَيْهِ أَخَوَاتُهُ وَعَمَّاتُهُ وَخَالَاتُهُ بِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ } سَوَاءٌ كُنَّ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ لِإِطْلَاقِ اسْمِ الْأُخْتِ وَالْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ ، وَيُحَرَّمُ عَلَيْهِ عَمَّةُ أَبِيهِ وَخَالَتُهُ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ ، وَعَمَّةُ أُمِّهِ وَخَالَتُهُ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ بِالْإِجْمَاعِ .
وَكَذَا عَمَّةُ جَدِّهِ وَخَالَتُهُ وَعَمَّةُ خَالَتِهِ وَخَالَتُهَا لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ تُحَرَّمُ بِالْإِجْمَاعِ ، وَتُحَرَّمُ عَلَيْهِ بَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ بِالنَّصِّ ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ } وَبَنَاتُ بَنَاتِ الْأَخِ وَالْأُخْتِ وَإِنْ سَفَلْنَ بِالْإِجْمَاعِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : إنَّ حُرْمَةَ الْجَدَّاتِ وَبَنَاتِ الْبَنَاتِ وَنَحْوِهِنَّ مِمَّنْ ذَكَرْنَا يَثْبُتُ بِالنَّصِّ أَيْضًا ; لِانْطِلَاقِ الِاسْمِ عَلَيْهِنَّ فَإِنَّ جَدَّةَ الْإِنْسَانِ تُسَمَّى أُمًّا لَهُ ، وَبِنْتَ بِنْتِهِ تُسَمَّى بِنْتًا لَهُ فَكَانَتْ حُرْمَتُهُنَّ ثَابِتَةً بِعَيْنِ النَّصِّ ، لَكِنْ هَذَا لَا يَصِحُّ إلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ : يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ مِنْ لَفْظٍ وَاحِدٍ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ حُكْمَيْهِمَا مُنَافَاةٌ ; ; لِأَنَّ إطْلَاقَ اسْمِ الْأُمِّ عَلَى الْجَدَّةِ وَإِطْلَاقَ اسْمِ الْبِنْتِ عَلَى بِنْتِ الْبِنْتِ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ نَفَى اسْمَ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ عَنْهُمَا كَانَ صَادِقًا فِي النَّفْيِ ، وَهَذَا مِنْ الْعَلَامَاتِ الَّتِي يُفَرَّقُ بِهَا بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ ، وَقَدْ ظَهَرَ أَمْرُ هَذِهِ التَّفْرِقَةِ فِي الشَّرْعِ أَيْضًا حَتَّى إنَّ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ : لَسْتَ أَنْتَ بِابْنِ فُلَانٍ لِجَدِّهِ لَا يَصِيرُ قَاذِفًا لَهُ حَتَّى لَا يُؤْخَذَ بِالْحَدِّ ; وَلِأَنَّ نِكَاحَ هَؤُلَاءِ يُفْضِي إلَى قَطْعِ الرَّحِمِ ; لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَخْلُو عَنْ مُبَاسَطَاتٍ تَجْرِي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ عَادَةً وَبِسَبَبِهَا تَجْرِي الْخُشُونَةُ بَيْنَهُمَا ، وَذَلِكَ يُفْضِي إلَى قَطْعِ الرَّحِمِ فَكَانَ النِّكَاحُ سَبَبًا لِقَطْعِ الرَّحِمِ مُفْضِيًا إلَيْهِ ، وَقَطْعُ الرَّحِمِ حَرَامٌ وَالْمُفْضِي إلَى الْحَرَامِ حَرَامٌ ، وَهَذَا الْمَعْنَى يَعُمُّ الْفِرَقَ السَّبْعِ ; لِأَنَّ قَرَابَتَهُنَّ مُحَرَّمَةُ الْقَطْعِ وَاجِبَةُ الْوَصْلِ ، وَيَخْتَصُّ الْأُمَّهَاتُ بِمَعْنًى آخَرَ ، وَهُوَ أَنَّ احْتِرَامَ الْأُمِّ وَتَعْظِيمَهَا وَاجِبٌ ، وَلِهَذَا أُمِرَ الْوَلَدُ بِمُصَاحَبَةِ الْوَالِدَيْنِ بِالْمَعْرُوفِ وَخَفْضِ الْجَنَاحِ لَهُمَا وَالْقَوْلِ الْكَرِيمِ وَنُهِيَ عَنْ التَّأْفِيفِ لَهُمَا فَلَوْ جَازَ النِّكَاحُ وَالْمَرْأَةُ تَكُونُ تَحْتَ أَمْرِ الزَّوْجِ ، وَطَاعَتُهُ وَخِدْمَتُهُ مُسْتَحَقَّةٌ عَلَيْهَا لَلَزِمَهَا ذَلِكَ وَأَنَّهُ يَنْفِي الِاحْتِرَامَ فَيُؤَدِّي إلَى التَّنَاقُضِ وَتَحِلُّ لَهُ بِنْتُ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَبِنْتُ الْعَمِّ وَالْخَالِ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الْمُحَرَّمَاتِ فِي آيَةِ التَّحْرِيمِ ثُمَّ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُ أَحَلَّ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ } وَبَنَاتُ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ لَمْ يُذْكَرْنَ فِي الْمُحَرَّمَاتِ فَكُنَّ مِمَّا وَرَاءَ ذَلِكَ فَكُنَّ مُحَلَّلَاتٍ .
وَكَذَا عُمُومَاتُ النِّكَاحِ لَا تُوجِبُ الْفَصْلَ ثُمَّ خُصَّ عَنْهَا الْمُحَرَّمَاتُ الْمَذْكُورَاتُ فِي آيَةِ التَّحْرِيمِ فَبَقِيَ غَيْرُهُنَّ تَحْتَ الْعُمُومِ ، وَقَدْ وَرَدَ نَصٌّ خَاصٌّ فِي الْبَابِ ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ } إلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50 : وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ } الْآيَةَ وَالْأَصْلُ فِيمَا يَثْبُتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَثْبُتَ لِأُمَّتِهِ ، وَالْخُصُوصُ بِدَلِيلٍ - وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ - .