( فصل ) : 
وأما حكم الخيار ، فهو تخيير المرأة بين الفرقة ، وبين النكاح  ، فإن شاءت اختارت الفرقة ، وإن شاءت اختارت الزوج ، فإن اختارت المقام مع الزوج ; بطل حقها . 
ولم يكن لها خصومة في هذا النكاح أبدا لما ذكرنا أنها رضيت بالعيب ، فسقط خيارها ، وإن اختارت الفرقة ، فرق القاضي بينهما كذا ذكره  الكرخي  ، ولم يذكر الخلاف ، وظاهر هذا الكلام يقتضي أنه لا تقع الفرقة بنفس الاختيار . 
وذكر القاضي  في شرحه مختصر  الطحاوي  أنه تقع الفرقة بنفس الاختيار في ظاهر الرواية ، ولا يحتاج إلى القضاء كخيار المعتقة ، وخيار المخيرة ، وروى الحسن  عن  أبي حنيفة  أنه لا تقع الفرقة ما لم يقل القاضي : فرقت بينكما ، وجعله بمنزلة خيار البلوغ هكذا ذكر ، وذكر في بعض المواضع أن في قول  أبي حنيفة  ما روى الحسن  عنه وما ذكره الحسن عنه ، وما ذكر في ظاهر الرواية قولهما ( وجه ) رواية الحسن  أن هذه الفرقة فرقة  [ ص: 326 ] بطلان بلا خلاف بين أصحابنا ، وإنما المخالف فيه  الشافعي  ، فإنها فسخ عنده ، والمسألة إن شاء الله تعالى تأتي في موضعها من هذا الكتاب . 
والمرأة لا تملك الطلاق ، وإنما يملكه الزوج إلا أن القاضي يقوم مقام الزوج    ; ولأن هذه الفرقة يختص بسببها القاضي ، وهو التأجيل ; لأن التأجيل لا يكون إلا من القاضي ، فكذا الفرقة المتعلقة به كفرقة اللعان . 
( وجه ) المذكور في ظاهر الرواية أن تخيير المرأة من القاضي تفويض الطلاق إليها ، فكان اختيارها الفرقة تفريقا من القاضي من حيث المعنى لا منها ، والقاضي يملك ذلك لقيامه مقام الزوج ، وهذه الفرقة تطليقة بائنة ; لأن الغرض من هذا التفريق تخليصها من زوج لا يتوقع منه إيفاء حقها دفعا للظلم والضرر عنها ، وذا لا يحصل إلا بالبائن ; لأنه لو كان رجعيا يراجعها الزوج من غير رضاها ، فيحتاج إلى التفريق ثانيا وثالثا ، فلا يفيد التفريق فائدته ، ولها المهر كاملا ، وعليها العدة بالإجماع إن كان الزوج قد خلا بها ، وإن كان لم يخل بها ، فلا عدة عليها ، ولها نصف المهر إن كان مسمى ، والمتعة إن لم يكن مسمى ، وإذا . 
فرق القاضي بالعنة ، ووجبت العدة ، فجاءت بولد ما بينها وبين سنتين  لزمه الولد ; لأن المعتدة إذا جاءت بولد من وقت الطلاق إلى سنتين ثبت النسب ; لأن الحكم بوجوب العدة حكم بشغل الرحم ، وشغل الرحم يمتد إلى سنتين عندنا ، فيثبت النسب إلى سنتين ، فإن قال الزوج : كنت قد وصلت إليها ، فإن  أبا يوسف  قال : يبطل الحاكم الفرقة ، وكفى بالولد شاهدا ، ومعنى هذا الكلام أنه لما ثبت النسب ، فقد ثبت الدخول ، وأنه يوجب إبطال الفرقة ; ولأنه لو شهد شاهدان بالدخول بعد تفريق القاضي لا يبطل الفرقة . 
وكذا هذا وكذا إذا ثبت النسب ; لأن شهادة النسب على الدخول أقوى من شهادة شاهدين عليه ، وكذلك لو فرق القاضي بينها ، وبين المجبوب  ، فجاءت بولد بينها وبين سنتين ثبت نسبه ; لأن خلوة المجبوب توجب العدة ، والنسب يثبت من المجبوب إلا أنه لا تبطل الفرقة ههنا ; لأن ثبوت النسب من المجبوب لا يدل على الدخول ; لأنه لا يتصور منه حقيقة ، وإنما يقذف بالماء ، فكان العلوق بقذف الماء ، فإذا لم يثبت الدخول لم تثبت الفرقة ، فإن فرق بالعنة ، فإن أقام الزوج البينة على إقرار المرأة قبل الفرقة أنه قد وصل إليها  أبطل الفرقة ; لأن الشهادة على إقرارها بمنزلة إقرارها عند القاضي . 
ولو كانت أقرت قبل التفريق لم يثبت حكم الفرقة . 
وكذا إذا شهد على إقرارها بأن أقرت بعد الفرقة أنه كان وصل إليها قبل الفرقة لم تبطل الفرقة ; لأن إقرارها تضمن إبطال قضاء القاضي ، فلا تصدق على القاضي في إبطال قضائه ، فلا تقبل وإن كان زوج الأمة عنينا ، فالخيار في ذلك إلى المولى عند  أبي حنيفة  ،  وأبي يوسف  وقال  محمد  الخيار إلى الأمة ( وجه ) قوله أن الخيار إنما يثبت لفوات الوطء ، وذلك حق الأمة ، فكان الخيار إليها كالحرة ، ولها أن المقصود من الوطء هو الولد ، والولد ملك المولى وحده ; ولأن اختيار الفرقة أو المقام مع الزوج تصرف منها على نفسها ، ونفسها بجميع أجزائها ملك المولى ، فكان ولاية التصرف له . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					