الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) الذي يرجع إلى المكفول له .

                                                                                                                                فأنواع ( منها ) أن يكون معلوما حتى أنه إذا كفل لأحد من الناس لا تجوز لأن المكفول له إذا كان مجهولا لا يحصل ما شرع له الكفالة وهو التوثق ( ومنها ) أن يكون في مجلس العقد وأنه شرط الانعقاد عند أبي حنيفة ومحمد إذا لم يقبل عنه حاضر في المجلس حتى أن من كفل لغائب عن المجلس فبلغه الخبر فأجاز لا تجوز عندهما إذا لم يقبل عنه حاضر وعن أبي يوسف روايتان وظاهر إطلاق محمد في الأصل أنها جائزة على قوله الآخر يدل على أن المجلس عنده ليس شرطا أصلا لا شرط النفاذ ولا شرط الانعقاد لأن محمدا ربما يطلق الجواز على النافذ فأما الموقوف فنسميه باطلا إلا أن يجيز وهذا الإطلاق صحيح لأن الجائز هو النافذ في اللغة يقال جاز السهم إذا نفذ .

                                                                                                                                ( وجه ) قول أبي يوسف الآخر ما ذكرنا في صدر الكتاب أن معنى هذا العقد لغة وشرعا وهو الضم والالتزام يتم بإيجاب الكفيل فكان إيجابه كل العقد والدليل عليه مسألة المريض .

                                                                                                                                ( وجه ) قولهما ما ذكرنا أن فيه معنى التمليك أيضا والتمليك لا يقوم إلا بالإيجاب والقبول فكان الإيجاب وحده شطر العقد فلا يقف على غائب [ ص: 7 ] عن المجلس كالبيع مع ما أنا نعمل بالشبهين جميعا فنقول لشبه الالتزام يحتمل الجهالة والتعليق بالشرط والإضافة إلى الوقت ولشبه التمليك لا يقف على غائب عن المجلس اعتبارا للشبهين بقدر الإمكان .

                                                                                                                                ( وأما ) مسألة المريض فقد قال بعض مشايخنا إن جواز الضمان هناك بطريق الإيصاء بالقضاء عنه بعد موته لا بطريق الكفالة ويكون قوله اضمنوا عني إيصاء منه إليهم بالقضاء عنه حتى لو مات ولم يترك شيئا لا يلزم الورثة شيء فعلى هذا لا يلزم وبعضهم أجازوه على سبيل الكفالة ووجهه ما أشار إليه أبو حنيفة عليه الرحمة في الأصل وقال هو بمنزلة المعبر عن غرمائه وشرح هذه الإشارة والله عز وجل أعلم أن المريض مرض الموت يتعلق الدين بماله ويصير بمنزلة الأجنبي عنه حتى لا ينفذ منه التصرف المبطل لحق الغريم .

                                                                                                                                ولو قال أجنبي للورثة اضمنوا لغرماء فلان عنه فقالوا ضمنا يكتفى به فكذا المريض والله عز وجل أعلم ( ومنها ) وهو تفريع على مذهبهما أن يكون عاقلا فلا يصح قبول المجنون والصبي الذي لا يعقل لأنهما ليسا من أهل القبول ولا يجوز قبول وليهما عنهما لأن القبول يعتبر ممن وقع له الإيجاب ومن وقع له الإيجاب ليس من أهل القبول ومن قبل لم يقع الإيجاب له فلا يعتبر قبوله .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية