الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما الشرائط : فأنواع : بعضها يرجع إلى الموكل ، وبعضها يرجع إلى الوكيل ، وبعضها يرجع إلى الموكل به ، أما الذي يرجع إلى الموكل فهو أن يكون ممن يملك فعل ما وكل به بنفسه ; لأن التوكيل تفويض ما يملكه من التصرف إلى غيره ، فما لا يملكه بنفسه ، كيف يحتمل التفويض إلى غيره ؟ فلا يصح التوكيل من المجنون ، والصبي الذي لا يعقل أصلا ; لأن العقل من شرائط الأهلية ألا ترى أنهما لا يملكان التصرف بأنفسهما ؟ وكذا من الصبي العاقل بما لا يملكه بنفسه ، كالطلاق ، والعتاق ، والهبة ، والصدقة ، ونحوها من التصرفات الضارة المحضة ، ويصح بالتصرفات النافذة : كقبول الهبة ، والصدقة ، من غير إذن المولى ; لأنه مما يملكه بنفسه بدون إذن وليه ، فيملك تفويضه إلى غيره بالتوكيل .

                                                                                                                                وأما التصرفات الدائرة بين الضرر والنفع : كالبيع ، والإجارة ; فإن كان مأذونا له في التجارة يصح منه التوكيل بها ; لأنه يملكها بنفسه وإن كان محجورا ينعقد موقوفا على إجازة وليه ، وعلى إذن وليه بالتجارة أيضا ، كما إذا فعل بنفسه ; لأن في انعقاده فائدة ، لوجود المجيز للحال ، وهو الولي .

                                                                                                                                ولا يصح من العبد المحجور ، ويصح من المأذون ، والمكاتب ; لأنهما يملكان بأنفسهما ، فيملكان بالتفويض إلى غيرهما بخلاف المحجور وأما التوكيل من المرتد : فموقوف : إن أسلم ينفذ ، وإن قتل ، أو مات على الردة ، أو لحق بدار الحرب ، يبطل عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد هو نافذ ، بناء على أن تصرفات المرتد موقوفة عنده لوقوف أملاكه ، وعندهما نافذة لثبوت أملاكه ويجوز التوكيل من المرتدة بالإجماع ; لأن تصرفاتها نافذة بلا خلاف .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية